طباعة هذه الصفحة

354 حرفي وحرفية يشاركون بمعرض الصناعة التقليدية

سكيكدة..موسـم الاصطيـاف يزهر في أنامـل الحرفيين

خالد العيفة

معرض الصناعة التقليدية بسكيكدة لم يكن مجرد سوق صيفي، بل كان تظاهرة متكاملة جمعت بين الثقافة، الاقتصاد، السياحة، وتمكين المرأة، وأكدت مرة أخرى أن الصناعة التقليدية ليست مجرد تراث، بل موردا اقتصاديا قادرا على المساهمة في التنمية المحلية وتثمين الهوية الوطنية.

شهدت ولاية سكيكدة، خلال موسم الاصطياف الجاري، تنظيم معرض واسع ومتعدد الفروع للصناعات التقليدية، احتضنته الواجهات البحرية للمدينة، مثل سطورة، المرسى، القل، إلى جانب وسط المدينة بمحاذاة قاعة عيسات إيدير، بمبادرة من غرفة الصناعة التقليدية والحرف بالتنسيق مع مديرية السياحة والصناعة التقليدية، وأسهم هذا الحدث الاقتصادي والثقافي في تنشيط الموسم السياحي، وجذب الزوار والمصطافين من داخل وخارج الولاية، من خلال عرض تشكيلة غنية من المنتجات التقليدية التي تشمل الألبسة المحلية، الفخار، الحلي، الحلويات، والتحف الفنية.
كشف اثري بوطبة، مدير غرفة الصناعة التقليدية والحرف بسكيكدة، أن المعرض شهد مشاركة 14 ولاية من مختلف مناطق الوطن، منها سكيكدة، جيجل، قسنطينة، الجزائر العاصمة، تمنراست، المسيلة، غرداية، والوادي، وغيرها، وتم تنظيم 80 معرضا متوزعا على أربع فترات، شارك فيها 354 حرفيا وحرفية، بجانب 10 جمعيات ناشطة في الحرف التقليدية، مما يعكس اتساع رقعة الحدث وأهميته في دعم القطاع.
وتوزعت أعداد العارضين على المواقع المختلفة كالتالي، 60 عارضا في ميناء الترفيه بسطورة، 64 في ساحة عيسات إيدير بوسط المدينة، 36 في بلدية القل، 24 في شاطئ بلدية المرسى، 75 في أروقة الغرفة بالقرية السياحية “روسيكابارك” في فلفلة، إضافة إلى 80 في المحطة البحرية لميناء سكيكدة و7 في الإقامة الجامعية للبنات بالحدائق، حيث تنوعت المنتجات المعروضة بين تحف فنية، هدايا تذكارية، أواني فخارية ونحاسية، أدوات خشبية، زيوت نباتية، صابون تقليدي، ومنتجات جلدية، ما يعكس التراث الثقافي الغني والمتنوع للمنطقة والبلاد.
وأكد بوطبة أن الهدف من هذه المعارض يتمثل في دعم تطوير قطاع الصناعة التقليدية والحرف، وتعزيز قدرات الحرفيين، من خلال توفير فضاءات عرض تسهل عليهم تسويق منتجاتهم وتبادل الخبرات بين مختلف الجهات، مما يسهم في تعزيز اللحمة الوطنية، وتقوية الروابط بين أبناء الوطن الواحد.
كما حرص المعرض على إتاحة أجنحة مجانية خاصة للمرأة الماكثة بالبيت، لا سيما تلك التي تحمل بطاقة حرفي أو خضعت لتكوين مهني، حيث استفادت منه أكثر من 1855 حرفية و2044 حاملة شهادة تأهيل مهني في الولاية، وهذا الدعم أتاح للنساء الحرفيات فرصة التسويق المباشر أمام الجمهور، مما أسهم في تحقيق مداخيل مهمة وتوسيع قاعدة الزبائن، وكذلك تعزيز وجودهن في السوق المحلية خلال فترة الاصطياف.
وهذا الحدث الثقافي والاقتصادي الكبير يأتي ضمن برنامج وطني لتمكين المرأة الريفية والماكثة بالبيت، ويستند على خمسة محاور رئيسية، التكوين، التأهيل المهني، الدعم المالي، التحسيس، والتسويق الذي يشمل المعارض والمنصات الإلكترونية، وفي هذا الإطار، تعمل غرفة الصناعة التقليدية بسكيكدة على إدراج منتجات المشاركات في المتجر الإلكتروني الخاص بها، ما يعزز وصولهن إلى أسواق أوسع داخل وخارج الولاية، ويوفر لهن فرصة للترويج المستدام.
وأوضح المدير أن المعرض لم يكن مجرد مكان للتبادل التجاري، بل كان مناسبة لتعزيز الوعي بالثروة الثقافية والحرفية الجزائرية، وحماية الحرف التقليدية التي تواجه خطر الانقراض، فضلاً عن ترسيخ اللحمة الوطنية والمساهمة في تعزيز التضامن المجتمعي من خلال مشاركة حرفيي مختلف الولايات، مما منح التظاهرة طابعا ثقافيا رفيع المستوى.
واستقطب المعرض أعداداً كبيرة من الزوار من المواطنين والمصطافين والسياح، بما في ذلك الجالية الجزائرية بالخارج، مما ساهم في تنشيط الحركة التجارية والسياحية بالمنطقة، وأبرز قدرة الصناعة التقليدية على لعب دور اقتصادي وسياحي حيوي، خاصة في ظل الاهتمام والدعم المتزايدين من السلطات المحلية لتعزيز هذا القطاع.
وختم بوطبة بالإشارة إلى أن معرض سكيكدة للصناعات التقليدية أصبح مناسبة سنوية بارزة تجمع بين التراث، الاقتصاد والفن، وتعكس الانسجام والتنوع الاجتماعي في الجزائر، ما يرسخ مكانة سكيكدة كوجهة سياحية وحرفية لا غنى عنها.