طباعة هذه الصفحة

المنتخـب الوطنـي 3 - المنتخـب البوتسواني 1

”الخضر” يضعـون قدما في نهائيات المونديال

عزيز. ب

هذه هي أبرز إيجابيات وسلبيات مواجهة بوتسوانا

 عزّز المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم حظوظه في بلوغ مونديال 2026، عقب فوزه الصّعب والشاق على بوتسوانا بثلاثية لهدف واحد، على أرضية ملعب المجاهد الراحل حسين آيت أحمد بتيزي وزو، ضمن منافسات الجولة السابعة من التصفيات كأس العالم 2026، ليوسّع الفارق إلى 6 نقاط مؤقتا عن أقرب ملاحقيه في صدارة المجموعة السابعة.

 انطلقت المواجهة بسيطرة جزائرية واضحة مع تواجد الثلاثي الهجومي (محمد عمورة، رياض محرز، أمين غويري) في الخط الأمامي.
فرض “الخضر” إيقاعهم سريعاً على أرضية ملعب تيزي وزو، واستحوذوا على الكرة في نصف ملعب الخصم، وأسفر هذا الضغط عن هدف التقدم في الدقيقة 33، بعد رأسية رائعة من مهاجم فولفسبورغ الألماني محمد أمين عمورة، الذي استغل عرضية متقنة من رامي بن سبعيني على الجهة اليسرى، مسجّلا هدفه السادس في التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026.
ورغم التأخّر في النتيجة، لم يستسلم منتخب بوتسوانا، واستغل لحظة تراخ في دفاع المنتخب الوطني ليعود في المباراة، قبل نهاية الشوط الأول وتحديداً في الدقيقة 43، بعدما استغل المهاجم توبيغو كوبيلانغ خطأ في محور الدفاع، ليسكن الكرة في شباك أليكسيس قندوز.

بيتكوفيتش يحدث ثورة وورقة البدلاء تنقذه مجدّدا

 في سيناريو متكرّر مع المدرب السويسري، الذي أكّد بأنه يقرأ المباريات جيّدا، حيث يتأخّر “محاربو الصّحراء” فنياً بشكل كبير قبل أن تتغير المعطيات مع بداية الشوط الثاني، ودائماً ما تعرّض بيتكوفيتش إلى انتقادات قوية من طرف المحلّلين، بسبب خياراته الفنية في كل الأشواط الأولى وبداية المباريات، قبل أن تنقلب المعطيات في الشوط الثاني، ويؤكّد الكثيرون بأنّ المدرب السويسري يقوم بالخيارات المثالية والصحيحة في المرحلة الثانية، وهو ما حدث ضدّ بوتسوانا كون البدلاء صنعوا الفارق أمام بوتسوانا ولم يتأخّر بيتكوفيتش في الرّد على تلك الانتقادات بلمسته الفنية الواضحة في الشوط الثاني، عندما قلب نتيجة المواجهة بفضل تغييراته، ففي الدقيقة 67 أشرك الثلاثي (سعيد بن رحمة، يوسف بلايلي، بغداد بونجاح) مكان (رياض محرز، حسام عوار، أمين غويري) على التوالي.
طلب الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش من بلايلي شغل منصب صانع ألعاب، والتحول كمهاجم ثاني عندما تكون الكرة على الأطراف، في حين تمّ تحويل محمد أمين عمورة على الجهة اليمنى من الهجوم، لاستغلال سرعته الكبيرة في فك شفرة دفاع بوتسوانا المتكتل، وأكّد فلاديمير بيتكوفيتش مرة أخرى فكره التكتيكي العالي ونجاحه في قلب الموازين في كل مرة في الشوط الثاني كميزة، في وقت سيكون فيه مطالباً بتغيير وضعية الأشواط الأولى قبل المواعيد الكبيرة بتقدير الجزائريّين، على غرار نهائيات “كان 2025” شهر ديسمبر المقبل، ونهائيات المونديال في حال التأهّل.
مباشرة بعد دخول الثلاثي الهجومي بأربعة دقائق، تمكّن بغداد بونجاح من مضاعفة نتيجة المباراة، بعدما قدّم سعيد بن رحمة كرة مفتاحية لمحمد أمين عمورة في العمق، الأخير يلحق على الكرة، يروّض ويقدّم كرة عرضية على طبق لمهاجم نادي الشمال القطري، الذي أسكن الكرة في مرمى حارس منتخب بوتسوانا، ولم يكتف ابن مدينة الباهية وهران بهدف واحد، ففي الثواني الأخيرة من الوقت بدل الضائع، أضاف هدفه الشخصي الثاني والثالث في اللقاء، ليحسم بذلك انتصار “الخضر” مسجّلا هدفه 34 بألوان المنتخب الوطني، معزّزا المركز الثالث في ترتيب أفضل هدافي المنتخب الوطني خلف ابن مدينة وهران الآخر عبد الحفيظ تاسفاوت صاحب 36 هدفا.
المباراة شهدت أداءً جيداً من المنتخب الوطني رغم المقاومة الشرسة التي أبداها الضيوف، حيث نجح الفريق في تسجيل ثلاثة أهداف مقابل هدف واحد للخصم، ممّا يعكس الفعالية الهجومية والقدرة على الحسم في اللحظات المناسبة.

عمورة سلاح بيتكوفيتش الفتّاك في التصفيات

 بات محمد أمين عمورة ينافس المصري محمد صلاح على جائزة أفضل هداف في تصفيات كأس العالم 2026 عن القارة الإفريقية، برصيد 6 أهداف لكل لاعب، مع توقّعات قوية بارتفاع الحصيلة التهديفية للنّجمين خلال المباريات المقبلة، ونجح هداف فولفسبورغ الألماني في إضافة الهدف السادس له في التصفيات برأسية رائعة وبعد محاولات كثيرة، ليؤكّد المستويات الكبيرة التي يقدمها في الفترة الأخيرة مع المنتخب الوطني.
يعد عمورة أفضل لاعبي “الخضر” من الناحية الإحصائية، حيث سجّل 6 أهداف وقدّم تمريرتين حاسمتين في آخر ثلاث مباريات لعبها مع “الخضر” في تصفيات المونديال، بواقع ثنائية ضدّ بوتسوانا ذهاباً وهاتريك وتمريرة حاسمة ضدّ الموزمبيق، قبل أن يضيف هدفاً آخر في الشوط الأول ضدّ بوتسوانا، مقابل تمريرة حاسمة للسفاح بغداد بونجاح.

محرز يصدم الجماهير الجزائرية بأداء باهت

 الأنظار كانت موجّهة نحو القائد رياض محرز، الذي حضر أمام جماهير غفيرة جاءت لمساندة “الخضر”، غير أنّ مستواه جاء دون التوقّعات، ولم يسدّد محرز أي كرة نحو المرمى، ولم يصنع أي فرصة محقّقة، واكتفى ببعض التمريرات المقطوعة والتحركات الفردية التي لم تؤثر في دفاع بوتسوانا، المفاجأة الكبرى جاءت عند خروجه في الدقيقة 67، حين كانت النتيجة تشير إلى التعادل، قبل أن ينفجر الهجوم الجزائري بتسجيل هدفين متتاليين بعد دخول بن رحمة بديلًا له، ما جعل جزءًا كبيرًا من الجمهور يربط تراجع الأداء الهجومي للفريق بوجود محرز على أرضية الملعب.
يمكن تلخيص المستوى المتواضع الذي ظهر عليه محرز، بالبطء الشديد في التمرير والتسديد، والاحتفاظ بالكرة لفترات طويلة، فأحيانًا كان لا يستطيع التصرّف، فيقوم بالالتفاف بالكرة واقتصار خطورته على العرضيات مع تنفيذ كل الكرات الثابتة والرّكنيات.
يبدو أنّ محرز لم ينفذ تعليمات بيتكوفيتش جيدا، حيث ظلّ يلعب على الخط كثيرًا، وهو ما دفع الناخب الوطني لإخراجه في الدقيقة 67، ويبدو أنّ محرز يبتعد تدريجيًا، عن أن يكون النجم الأول للمنتخب، ففي الوقت الذي لا يقدم فيه المستوى المرضي بالمباريات ولا ينفذ التعليمات، يواصل عمورة إبهار الجميع، خصوصا بعدما استغل الرواق الأيمن جيدا بعد مغادرة قائد المنتخب أرضية الميدان.
بهذا الفوز، وسّع “الخضر” الفارق مؤقتاً إلى 6 نقاط عن منتخب موزمبيق وصيف ترتيب المجموعة السابعة من التصفيات الإفريقية المؤهّلة لكأس العالم 2026، بعدما رفعوا رصيدهم إلى 18 نقطة بعد سبع جولات، ليقتربوا أكثر من حسم بطاقة التأهّل إلى كأس العالم 2026.

سيناريوهات التأهّل وبلوغ المونديال الخامس

 بعد هذا الانتصار المهمّ، تعزّزت حظوظ “الخضر” في التأهّل المباشر، حيث أصبح المنتخب يحتاج فقط إلى نقطة واحدة من مباراته الأخيرة أمام غينيا لضمان التأهّل رسمياً، وذلك بغض النظر عن نتائج موزمبيق في مبارياته المتبقية، حتى في حالة الخسارة أمام غينيا، فإنّ التأهّل يبقى مضموناً إذا لم يفز موزمبيق في جميع مبارياته المتبقية بفارق كبير يمكّنه من تعويض الفجوة في فارق الأهداف، وأسوأ ما يمكن أن يحدث هو التعادل في النقاط، لكن فارق الأهداف المتفوّق لصالح “الخضر” بـ +12 مقابل -1 لمنتخب موزمبيق، يضمن التفوّق حتى في هذه الحالة الافتراضية النادرة، وبلوغ المونديال الخامس بعد نسخ 1982، 1986، 2010 و2014.

إستراتيجية مباراة غينيا في غياب بن سبعيني وبونجاح

 مع تحسّن الوضعية بشكل كبير بعد الفوز على بوتسوانا، يمكن للمدرب فلاديمير بيتكوفيتش أن يخوض مباراة غينيا، بأكثر ثقة وسط غياب بن سبعيني وبونجاح، بسبب حصولهما على الإنذار الثاني، فالمطلوب فقط هو الفوز لضمان التأهّل رسميا إلى مونديال 2026، قبل نهاية مرحلة التصفيات بجولتين، ممّا يعطي المدرب خيارات تكتيكية أوسع ويسمح له بإراحة بعض اللاعبين الأساسيّين وتجريب عناصر جديدة، على غرار (بن بوط، توبة، حاج موسى، مازة، وقبال)، والمهم هو الحفاظ على نفس مستوى الجدية والاحترافية التي ميّزت المنتخب طوال هذه التصفيات.
التأهّل المباشر، الذي بات قريباً جداً، سيمنح المنتخب وقتاً أطول للتحضير للاستعدادات المقبلة في مقدّمتها نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025، حيث أنّ الجماهير الجزائرية تترقّب بشغف كبير مباراة غينيا، والتي قد تكون بمثابة احتفالية رسمية بالتأهّل، إذا ما حافظ “الخضر” على نفس مستوى الأداء والتركيز الذي أظهره طوال هذه التصفيات الناجحة.