طباعة هذه الصفحة

محاصـرون بين فكـي المجاعـة والنّســف

سكان غـزة يصارعـون للوصـول إلــى المساعـدات

 فيما تتواصل الحرب المفتوحة على قطاع غزة بلا هوادة، تتعمّق المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون تحت وطأة القصف المتواصل والتجويع المنهجي. وبينما تتصاعد أرقام الشهداء والإصابات بوتيرة مأساوية وسط نقص فادح في الغذاء والدواء والمياه، تتزايد المؤشّرات على دخول الحرب مرحلة أكثر تعقيداً، مع عودة الحديث عن مقترحات تسوية شاملة، وتصعيد ميداني محتمل في حال فشلها.
ارتكبت قوات الاحتلال الصّهيوني، أمس، مجزرة جديدة بحق مجوّعين عند أحد مراكز التحكّم بالمساعدات قرب رفح، واستهدفت مدرسة تؤوي نازحين في خان يونس جنوبي قطاع غزة، كما أعلن “الهلال الأحمر” الفلسطيني استشهاد أحد موظفيه في قصف استهدف مقر الجمعية في خان يونس.
وأفادت مصادر في مستشفيات غزة باستشهاد 22 شخصا بنيران جيش الاحتلال، صباح أمس، بينهم 16 من طالبي المساعدات.
وفي التفاصيل، قال جهاز الإسعاف والطوارئ، إنّ 9 فلسطينيّين استشهدوا بنيران قوات الاحتلال قرب مراكز مساعدات شمال رفح.
وقد وقعت هذه المجزرة بعد يومين من زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لأحد مراكز القرية، التي تديرها ما تسمى بـ«مؤسّسة غزة الإنسانية” الأميركية.
وبالتزامن تقريبا، أفاد مصدر بمستشفى العودة في مخيّم النصيرات باستشهاد 4 فلسطينيّين وإصابة آخرين قرب مركز توزيع المساعدات في محور نتساريم (وسط قطاع غزة).وتواترت في الآونة الأخيرة المجازر بحق المجوّعين بمحيط مراكز المساعدات التي تديرها المؤسّسة الأميركية الصّهيونية أو خلال احتشادهم في مسار قوافل الإغاثة النادرة التي تدخل القطاع.
وكانت مصادر في مستشفيات غزة أفادت باستشهاد 38 فلسطينيا من منتظري المساعدات السبت.

استهـداف نازحـــين

 في غضون ذلك، أفادت مصادر فلسطينية باستشهاد 3 مواطنين وإصابة آخرين إثر قصف قوات الاحتلال، صباح أمس، مدرسة فيصل التي تؤوي نازحين غرب مدينة خان يونس.
كما أفاد مصدر طبي بمستشفى الأمل في خان يونس باستشهاد أحد موظفي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وإصابة 3 آخرين إثر قصف صهيوني استهدف، فجر أمس، مقر الجمعية في حي الأمل (غرب خان يونس).
واستشهد ثمانية مسعفين من الهلال الأحمر وستة من الدفاع المدني في غزة وواحد من وكالة “الأونروا”، في هجوم شنته القوات الصّهيونية في جنوب غزة في مارس الماضي، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.
وكانت مصادر في مستشفيات غزة قد أفادت باستشهاد 62 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال السبت.

صراع للوصـول إلـى المساعدات

 في الأثناء، وبعد 22 شهراً من الحرب، تتصارع الحشود الجائعة على الغذاء القليل الذي يدخل غزة، مخاطرة بحياتها تحت النيران، أو تنهبه عصابات إجرامية أو يتم الاستيلاء عليه بطرق أخرى وسط الفوضى، دون أن يصل إلى من هم في أمسّ الحاجة إليه.ويقف العالم اليوم مصدوما أمام مشاهد مأساوية تظهر تسارع حشود يائسة من الناس مخاطرين بحياتهم في كثير من الأحيان، إلى مركبات محمّلة بأكياس الغذاء، أو إلى مواقع الإنزالات الجوية للمساعدات التي نفذتها في الأيام الأخيرة بعض الدول.
وقد استشهد قرابة 1400 فلسطيني في قطاع غزة منذ 27 ماي الماضي، بنيران الجيش الصّهيوني أثناء انتظارهم مساعدات إنسانية، وفق ما أكّدته الأمم المتحدة الجمعة.

عصابـــات تحت حمايـة الاحتـلال

 كما تنهب عصابات إجرامية قسماً من المساعدات، وتهاجم في أحيان كثيرة المستودعات بشكل مباشر، وتبيعها إلى التجار الذين يعيدون بيعها بأسعار باهظة.
وبالخصوص، يقول محمد شحادة، وهو باحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “إنها تجربة داروينية لا يبقى بموجبها على قيد الحياة إلّا الأقوى، أما الأكثر جوعاً فلا يملكون الطاقة لمطاردة شاحنة، أو الانتظار ساعات تحت أشعة الشمس، أو القتال على كيس دقيق”.
ويشتبه حتى في أنّ الجيش الصّهيوني قام بتنظيم شبكات إجرامية في حربه ضدّ “حماس”، وسمح لها بالانتشار وممارسة النهب.
وقال جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، خلال مؤتمر صحافي في نهاية ماي، إنّ “السرقة الحقيقية للمساعدات منذ بداية الحرب نفذتها عصابات إجرامية، تحت مراقبة القوات الصّهيونية، وقد سُمح لها بالعمل قرب معبر كرم أبو سالم”.