عبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن إدانتها لحملات العنصرية والكراهية عبر الاعلام والرقمنة اتجاه المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، داعية إلى محاسبة كل المتورطين في هذه الحملات.
قال المكتب المركزي للجمعية الحقوقية المغربية أنه “يتابع باستياء واستنكار بالغين تواتر الحملات العنصرية والكراهية ضد المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء بالمملكة في الفترة الأخيرة، ناهيك عن الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان لهؤلاء المهاجرين بشكل ممنهج منذ أكثر من عقدين من طرف السلطات المغربية، بحيث ما فتئ المغرب يلعب دور الدركي لحماية حدود أوروبا الخارجية في تغييب تام لملف حقوق الإنسان مقابل الدعم المالي والسياسي وغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان للمهاجرين بالمغرب.”
وأضاف أن هذه الانتهاكات تتمثل على وجه الخصوص في الترحيلات القسرية للمهاجرين في مختلف مناطق المغرب والإبعاد نحو الحدود وتعريضهم لكل أشكال المخاطر والعنف والاهانة واحتجازهما بمراكز غير قانونية وحرق ممتلكاتهم، وتعريضهم إلى التمييز والتهميش والإقصاء، مما يتسبب لهم في أضرار نفسية وجسدية ويحرمهم من حقهم في الاستقرار والعيش بكرامة.
حملات عنصرية تنتهك الكرامة الانسانية
وأكد المكتب المركزي للجمعية الحقوقية المغربية على أن الحملات الرقمية والإعلامية العنصرية اتجاه المهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، التي تضج بها وسائل التواصل الاجتماعي والرقمي وبعض المواقع الإلكترونية، للأسف، تتنكر لهويتنا وانتمائنا الإفريقي المنصوص عليها في الدستور المغربي، وتضرب في الصميم، ليس فقط التزامات المغرب الدولية وتعهده وواجبه أمام المنتظم الدولي في نشر ثقافة التعايش وقيم حقوق الانسان الكونية، بل تضر كثيرا بقيم التضامن والتعاون والتسامح بين شعوب دول الجنوب في مواجهة النهب الذي تتعرض له ثروات القارة الإفريقية وخيراتها من طرف الاستبداد المحلي والقوى الرأسمالية الاستعمارية الغربية.وذكر المكتب بأن الدولة المغربية ملزمة باحترام وحماية وإعمال الحقوق الأساسية للمهاجرين واللاجئين واحترام كرامتهم كما هو مكفول في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان خاصة الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم واتفاقية جنيف لـ 1951 الخاصة بوضع اللاجئين المصادق عليها جميعا من طرفها.وطالب بوضع حد لهذه الحملات العنصرية التي يتعرض لها الأفارقة المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء والتي تعرّض حياتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية وأمنهم الشخصي للخطر، داعيا إلى محاسبة المتورطين فيها.
كما دعا إلى مراجعة كل الاتفاقيات الثنائية والجماعية مع الاتحاد الأوروبي التي لا تنص صراحة على احترام حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين. وشدّد على ضرورة تحمّل دول الاتحاد الأوروبي لمسؤولياتها في تدبير ملف الهجرة بدل البحث عن وكلاء لتنفيذ سياساتها خارج أوربا التي تسببت لعقود في آلاف الوفيات والمفقودين من المرشحين للهجرة عبر البحر المتوسط والمحيط الأطلسي على الخصوص.
معاملـة لا إنسانيـة
من جهته، أعرب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة تيزنيت عن بالغ قلقه إزاء استمرار عمليات ترحيل مهاجرين منحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى المدينة، في ظروف وصفت باللاإنسانية، ووسط غياب تام للتخطيط الحقوقي والاجتماعي.
وفي بيان صادر عن الفرع الحقوقي، نددت الجمعية بما اعتبرته “ترحيلا عشوائيا” يتم عبر حافلات، دون توفير الحد الأدنى من شروط الإيواء والرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهؤلاء المرحّلين، ما يُعدّ انتهاكا صريحا للكرامة الإنسانية وللقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وأوضح البيان الحقوقي أن آخر هذه العمليات سُجّلت ليلة الثلاثاء، بناء على معطيات تداولتها عدة وسائل إعلام محلية وصفحات إلكترونية، حيث جرى نقل العشرات من المهاجرين إلى تيزنيت، دونما أيّ تنسيق مع الفاعلين المحليين أو اعتبار للقدرات المحدودة للمدينة على مستوى الخدمات الأساسية.
وسبق لفرع الجمعية الحقوقي، أن حذر، في بيان سابق بتاريخ 15 مارس 2025، من خطورة الأوضاع الإنسانية التي يعيشها المهاجرون بعد اندلاع حريق بمخيم عشوائي أسفر عن مصرع سيدة وطفلتها، وإصابة عدد آخر بجروح، مشددا آنذاك على ضرورة التدخل العاجل.
وأضاف البيان الحقوقي أن هذه السياسات المرتجلة، لا تضر فقط بالمهاجرين، بل تمتد تداعياتها لتشمل السكان المحليين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة أوضاع اجتماعية وأمنية غير مستقرة، معتبرا أن غياب التنسيق والتخطيط يخلق توترات لا مبرر لها، ويضع المدينة أمام تحديات لا طاقة لها بها.
وبينما طالب فرع الجمعية بوقف فوري لهذه الممارسات اللاإنسانية، دعا السلطات إلى اعتماد مقاربة إنسانية وحقوقية تراعي كرامة المهاجرين وتحفظ في الوقت نفسه أمن واستقرار المدينة وسلامة سكانها.