يتوالى الرفض والاستنكار من تحويل المغرب، وأساسا ميناء طنجة المتوسط، إلى محطة لعبور العتاد الحربي نحو الجيش الصهيوني، الذي يواصل ارتكاب مجازره في قطاع غزة المحاصر.
اعتبرت حركة المقاطعة “بي دي إس” أن السلطات المغربية شريكة في الإبادة الجماعيّة، باستعداد ميناء طنجة لاستقبال أجزاء طائرات “ أف 35” المتوجهة إلى جيش الاحتلال.
وقالت “بي دي إس المغرب” في بيان لها “بينما فرْض الحظر العسكري على جيش الاحتلال واجب آني وملحّ على كل الدول والحكومات والأطراف، يستمر ميناء طنجة المتوسط في استقبال سفن شركة “مايرسك” المتورطة في نقل العتاد العسكري إلى جيش الاحتلال الصهيوني، منذ نوفمبر الماضي، وخصوصًا بعد اتخاذ الشركة ميناء طنجة المتوسط مركزًا رئيسيًا لعملياتها في البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف البيان “هذه المرة يتوقّع أن يسهّل الميناء وصول شحنة جديدة تحمل أجزاء طائرات “أف 35 “ المقاتلة إلى قاعدة “نيفاتيم” الصهيونية، وهي مركز قيادة الجيش الجوي الذي يمطر غزة يوميًا بغارات الإبادة الجماعية.
وأشارت الحركة إلى انطلاق سفينة “مايرسك”من ميناء هيوستن في 5 أفريل، حاملة أجزاء طائرات “أف35” قادمة من مصنع “لوكهين ماران” “، لترسو في ميناء طنجة المتوسّط في 20 أفريل الجاري. وكما جرت العادة، سيتم تفريغ الشحنة وإعادة تحميلها على سفينة ثانية ستتوجه إلى ميناء حيفا في فلسطين المحتلة، ومنه برًا إلى قاعدة “نيفاتيم” حيث تتم صيانة طائرات “ أف 35 “ الحربيّة المشاركة في حرب إبادة الشعب الفلسطينيّ.
تغذية آلة الإبادة الصهيونية
وزاد ذات المصدر “لن تكون هذه المرة الأولى التي تستقبل فيها السلطات المغربية سفن الإبادة التابعة لشركة “مايرسك” في ميناء طنجة المتوسط، خاصة منذ أن رفضت الحكومة الإسبانية السماح لسفن هذه الشركة المحمّلة بالعتاد العسكري بالرسو في موانئها استجابة للضغط الشعبيّ، وخوفًا من العواقب القانونية المحتملة أمام محكمة العدل الدولية وتجنّبًا للاتهام بالتورط في ارتكاب جريمة ضد الإنسانية”.
وتساءلت حركة المقاطعة “ألا تبالي السلطات المغربية بأن هذا التورط لا يضع المغرب في دائرة المساءلة الأخلاقية فحسب، بل القانونية أيضًا؟ ففتح ميناء طنجة أمام شحنات عسكرية موجّهة للاحتلال، بما في ذلك هذه الشحنة المرتقبة لمكونات طائرات “أف35”، خيار سياسي خطير يحوّل البنية التحتية الوطنية إلى جسر لإبادة الشعب الفلسطينيّ.
وزاد البيان “إننا الآن أمام لحظة مفصلية والسلطات المغربية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن ترفض استقبال سفينة “مايرسك” المحمّلة بأجزاء طائرات “أف35”، وتُسجّل موقفًا تاريخيًا يُحسَب لها، أو تختار الاستمرار في الانحياز لمعسكر الجريمة، وتسمح بتغذية آلة الإبادة الصهيونية وصيانة مقاتلاتها الحربية التي تواصل قصف الفلسطينيين وإبادتهم”.
وطالبت “بي دي إس” السلطات المغربية برفض رسو سفن الإبادة في الموانئ المغربية، احترامًا لإرادة الشعب المغربيّ وتحملا لمسؤوليتها التاريخية، داعية جميع العاملات والعاملين في ميناء طنجة المتوسط، إلى الوفاء لواجبهم الأخلاقي والقانونيّ بالامتناع عن خدمة شركة “مايرسك” ورفض تفريغ وتحميل شحناتها، صفًا واحدًا مع كامل الشعب المغربيّ الرافض لاستباحة سيادته الوطنية.
وحثت الحركة جميع القوى المناضلة في المغرب على ممارسة المزيد من الضغط لوقف كل أشكال التعاون مع الاحتلال الصهيوني وعلى رأسها التعاون العسكريّ والتنسيق الأمني، والتضييق على المصالح الصهيونية من خلال حملات المقاطعة المركزة، وتصعيد كافة الأشكال النضالية الرامية إلى إسقاط التطبيع.
صرخة ضد خيانة فلسطين
هذا، وقد امتد الغضب الشعبي في المغرب ليطرق أبواب المدارس والمعاهد والجامعات، حيث أعلن رجال ونساء التعليم عن توقفهم عن العمل، في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، للتنديد بخيانة المخزن للقضية الفلسطينية واستمرار التطبيع مع الكيان الصهيوني في أشد فصول حرب الإبادة التي تشن على الشعب الفلسطيني.
فقد استجاب قطاع التعليم، بكافة مكوناته، لنداء الإضراب لنصرة فلسطين والنضال من أجل إسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني، بكل من الرباط، الدار البيضاء، فاس وطنجة، حيث عبر عن غضبه من صمت الدولة المغربية وتواطئها مع الاحتلال.
وقد أعلنت الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) والجامعة الوطنية لموظفي التعليم، إلى جانب فروع تابعة للنقابة الوطنية للتعليم وتنسيقيات، أبرزها تنسيقية الأساتذة حاملي الشهادات، عن انخراطها القوي في هذا الإضراب، ولم يكن الحدث مجرد موقف رمزي، بل لحظة فاصلة تشهد فيها الأجيال على موقف مناهض للعار والتطبيع الذي أصبح سياسة رسمية.
في ذات اليوم، أطل المعارض المغربي، توفيق بوعشرين، بمقال نشره تحت عنوان يختزل الموقف: “تطبيع المخزن ليس ذكاء دبلوماسيا، ولا توجد مبررات وطنية ولا أخلاقية ولا إنسانية لاستمراره”، وأشار فيه أن ما يحدث في المغرب “ليس موقفا سياسيا قابلا للنقاش، بل سقوط أخلاقي”، وأن التظاهر ليس فقط حقا، بل ضرورة حين يكون الصمت شراكة في الجريمة.