شهد العام 2014، أحداثا ثقافية وفنية كثيرة على المستوى العالمي، بدءا بترشيحات الأوسكار، إلى منح الروائي الفرنسي باتريك موديانو جائزة نوبل للآداب. ولكن السنة لم تكن كلها أفراحا وجوائز، حيث فقد العالم روائيين ومبدعين كبارا.. كما تفاعل أهل الثقافة مع أبرز معضلات السياسة، على رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي تجنّد ضده جمع من الفنانين، حرصوا على قول كلمتهم ووقفوا إلى جانب الحق..
وصنعت أفلام كثيرة الحدث في حفل توزيع جوائز الأوسكار في طبعته السادسة والثمانين، أبرزها فيلم “12 سنة عبدا” للمخرج ستيف ماكوين وفيلم “احتيال أميركي” للمخرج ديفيد راسل وفيلم “الجاذبية” لألفونسو كوارون الحائز على أوسكار أفضل مخرج.. أما عميد السينما الجزائرية، لخضر حمينة، فقد عاد إلى قاعات العرض بفيلمه الأخير “غروب الظلال”، الذي عاد فيه مرة أخرى إلى جرائم الاستعمار وما خلفته من أزمة ضمير إنساني.
ترشيحات جانبت التتويج..
في المجال الأدبي، رشّحت الجزائرية آسيا جبار مرة أخرى للجائزة الأرقى في عالم الأدب، ولكن “نوبل للآداب” عاد في نهاية الأمر للروائي الفرنسي باتريك موديانو، ليكون الفرنسي الخامس عشر الذي يكرَّم بهذه الجائزة. وقالت الأكاديمية السويدية في بيان لها إن موديانو كُرِّم بفضل “فن الذاكرة الذي عالج من خلاله المصائر الإنسانية الأكثر عصيانا على الفهم، وكشف عالم الاحتلال”. وتمحورت أعمال موديانو حول باريس أثناء الحرب العالمية الثانية، مع وصف تداعيات أحداث مأسوية على مصائر أشخاص عاديين.
كما شهدت الترشيحات الأدبية لجائزة “غونكور” الفرنسية ترشيح 15 روائيا في القائمة الأولية بينهم الجزائري كمال داود عن رواية “مورسو: تحقيق مضاد” (منشورات البرزخ في الجزائر ثم آكت سود في فرنسا)، والمغربي فؤاد العروي عن رواية “محن السجلماسي الأخير” (منشورات جوليار)، ولكن في الأخير كانت الروائية الفرنسية ليديه سلفاير هي من حظي بالجائزة، وذلك عن روايتها “حدود الدموع” التي تناولت فيها سلفاير مسيرة التحرر ضد حكم فرانكو بإسبانيا، من خلال قصة حب جمعت بين عاشقين من مشارب أيديولوجية وانتماءات اجتماعية مختلفة.
عربيا، فاز الروائي والشاعر العراقي أحمد سعداوي بالجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” في دورتها السابعة عن رواية “فرانكشتاين في بغداد”. وتحكي الرواية الفائزة قصة هادي العتاك بائع السلع المستعملة في حي شعبي ببغداد، يقوم بتجميع بقايا بشرية من ضحايا الانفجارات في ربيع العام 2005، ويخيطها على شكل جسد جديد تحل فيه لاحقا روح لا جسد لها، لينهض كائن جديد يقود حملة انتقام من كل من ساهم في قتله.
غزة.. عنوان التعاطف الثقافي
ولما كان العام 2014 دمويا بالنسبة لسكان قطاع غزة الذين استهدفتهم آلة الدمار الإسرائيلية، فقد أعرب كثير من الفنانين والمثقفين عن رفضهم لحملة الإبادة التي يتعرّض لها الفلسطينيون بتنظيم عدة تظاهرات واعتصامات في عدة مناطق.وفي هذا الصدد، وجّه رئيس الجمهورية رسالة لمهرجان “جميلة” العربي، الذي حمل شعار “غزة تقاوم.. غزة الصمود”.
وجاء في رسالة رئيس الجمهورية، التي قرأها مستشاره محمد علي بوغازي، تأكيد على التضحيات الجسام التي يبذلها الشعب الفلسطيني في سبيل الحرية، وتنديد بالعدوان الهمجي، وإبراز للدور الكبير الذي بذلته وتبذله الجزائر لمساندة القضية الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية والإقليمية لرد العدوان الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني.
وشدّد الرئيس بوتفليقة، في كلمته، على التزام الجزائر حكومة وشعبا بمناصرة فلسطين، وهذا يترجم سياستها الخارجية، لاسيما مع الأشقاء والأصدقاء ليعم الأمن والسلام في العالم، وأشار إلى أن التضامن مع فلسطين له أوجه متعدّدة، ومنها الثقافة، من خلال مهرجان تيمقاد الدولي في طبعته الـ36. وقد تجلى هذا التضامن من خلال تخصيص مداخيل عديد التظاهرات الفنية للمنكوبين الفلسطينيين.
وفي العالم، وقّع أكثر من مائة فنان إسباني ـ بينهم نجما هوليود الشهيران بينيلوبي كروز وزوجها خافير باردم ـ على عريضة تدين إسرائيل بالإبادة الجماعية للفلسطينيين. وتعرض الفنان البريطاني زين مالك ـ وهو نجم فريق “وان دايركشن” الغنائي ـ إلى سيل من الانتقادات وتعرض لتهديد بالقتل عقب نشره لوسم (هاشتاغ) يدعم القضية الفلسطينية على حسابه بتويتر. كما عُرضت 96 لوحة كاريكاتيرية رسمها فنانون من مختلف دول العالم في معرض تحت عنوان “نرسم لغزة” بمتحف محمود درويش في رام الله، تعبيرا عن تأثر عالمي بالآثار المأساوية التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.