طباعة هذه الصفحة

وثقت مسار تشكله في الحاضنة النقدية العربية

تيرس تدرس إشكالية تأصيل المصطلح السّيميائيّ

أمينة جابالله

يعتبر كتاب “المصطلح السّيميائيّ في النّقد العربيّ بين الحداثة والتّراث وإشكاليّة التّأصيل” الصادر عن دار “خيال للنشر والتوزيع” للباحثة نجاة تيرس، عمل أكاديمي ينفتح على واحدة من الإشكاليات المعرفية والمنهجية الكبرى في النقد العربي المعاصر، وهي إشكالية تأصيل المصطلح السيميائي في ظل التفاعل بين المرجعيات الغربية الحديثة والتراكمات التراثية العريقة.    

تتناول الكاتبة موضوع “المصطلح السيميائي” بدقة علمية ومنهج نقدي متين، موثّقةً مسار تشكّل المصطلح السيميائي في الخطاب النقدي العربي، ومحللةً آليات استيعابه، وتحديات نقله، ومسارات تأصيله داخل بيئة ثقافية مزدوجة الانتماء: تراثية وحداثية في آنٍ معًا.
كما تطرح في مؤلفها إشكاليّاتها عن الاختلاف الذي يظهر على المستوى المصطلحي في أثناء نقل المصطلحين “sémiologie” و “sémiotique”وإلى أيّ مدى وظّف المصطلح التّراثي في ترجمة هذه المصطلحات الوافدة من الغرب؟ فتجدها تقف أمام تفرّعات أخرى كالاختلاف والتّعدد في المصطلحات المقابلة للمفهوم الواحد؟ وما مدى تأثيره عند العرب في اللّغة خاصّة والثّقافة عامّة، لتفكّ ما علق من استفهامات في ثلاثة فصول بين مئة وسبعين صفحة ذات أسلوب جميل وسلس.
فضلت نجاة تيرس أن تستهلّ بحثها بتقديم معنى “المصطلح السّيميائي” على أنّه علم العلامات أو الإشارات ـ حسب الأبحاث والاطّلاعات العربيّة والغربيّة ـ كما عرجت في الفصول الأربعة على بعض الحيثيات ذات العلاقة بنقل المصطلح على رأسها الترجمة، كما شرحت وبالتفصيل ما يعرف بالمصطلحات السيميائية الحديثة، وقدمت نماذج حول المفارقة والائتلاف في المصطلح  عربي /غربي، لتختم حروفها بجهود المجامع اللّغويّة وتوحيد المصطلح بجملة من القرارات المتّفق عليها من طرف المجمع العلميّ العربيّ.
  ومن جانب آخر، يبرز الكتاب من خلال تعدّد مصادره وتماسك أطروحته كإضافة نوعية في حقل الدراسات السيميائية والنقدية، حيث يوازن بين الجانبين النظري والتطبيقي، في تناول يحترم خصوصية السياق الثقافي العربي.