طباعة هذه الصفحة

ينبغي أن يظل مسخرا لخدمة الإنسان..البروفيسور جلولي لـ”الشعب”:

ضبط أخلاقيـات الذكــاء الاصطناعي. ضـرورة قصـوى

ورقلة: إيمان كافي

التكنولوجيـات الحديثـة تغيــّر العالــم وتطــرح أسئلــة أخلاقيــة مُلحــّة

أحدث الذكاء الاصطناعيّ ثورة في جوانب مختلفة من حياة الإنسان، وحظي رغم حداثته كعلم، بتغطية كبيرة في جميعِ وسائل الإعلام، كما يحظى باهتمام كبير في الأوساط الأكاديمية والصناعية، وحتى الأوساط الشعبية في كل بلدان العالم، حسب البروفيسور محمد العيد جلولي.

ومع ذلك، ما زال هذا العلم غامضا وغير مفهوم بالنسبة لعامة الناس، فالذكاء الاصطناعيّ علم هدفه الأول جعل الحاسوب وغيره من الآلات تكتسب صفة الذكاء، ويكون لها القدرة على القيام بأشياء ما زالت إلى عهد قريب حصرا على الإنسان، كالتفكير، والتعلُّم، والإبداعِ، والتخاطب، كما ذكر البروفيسور جلولي.
وأوضح أن الاهتمام الكبير الذي يحظى به الذكاء الاصطناعيّ على كافّة المستويات هو من أبرز المؤشّرات على أهمّيته، فقد دخل كلّ المجالات، ونفذ إلى كلّ الميادين، فهو يستخدم في الحرب والسّلم، في المنازل والسيارات والمكاتب والبنوك والمستشفيات والفضاء وشبكة الإنترنت وألعاب الفيديو والحاسوب وأنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية، ومحركات البحث، وتطبيقات الهواتف المحمولة، والرعاية الصحية، والتعليم.
وأبرز المتحدث أن الباحثين في ميدان الذكاء الاصطناعيّ يهتمون بهدفين رئيسيّين، وهما، محاولة فهم كيف يعالج العقل المعلومات المكتسبة ومحاولة فهم الأُسس العامة للذكاء.
وللوصول إلى هذين الهدفين، وعلى امتداد نصف قرن تقريبا، تضافرت الجهود في عدد من الميادين كالفلسفة، وعلم النفس، وعلم الإدراك، وعلم المنطق، واللسانيات، والرياضيات، وعلم الأحياء.
وأضاف منذ سنوات، بدأت هذه الجهود تحصد نتائجها وتقطف ثمارها، فظهرت في الساحة تطبيقات مذهلة للذكاء الاصطناعيّ، فحققت مبيعات كبيرة، وهذا ما جاء في تقرير منظمة التجارة العالمية الصادر السنة الماضية بأنّ الذكاء الاصطناعيّ يمتلك القدرة على تشكيل مستقبل التجارة الدولية، وتابع جلولي حديثه أنه “مع تنامي انتشار استخدام هذا الذكاء في كلّ مجالات الحياة، أصبح من الضروريّ النظر في الآثار الأخلاقية والمخاطر المحتملة المرتبطة باستخدامه، إذ تعدّ الأخلاق والقيم أمورا مهمّة، بل وحيويّة، لأنّها تحدّد كيفية تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعيّ، واستخدامها، وتنظيمها، كما تهتمّ بكيفية تصرّف المطوّرين والمصنعين والمشغّلين من البشر، لتقليل الأضرار الأخلاقية التي يمكن أن تنشأَ عن الذكاء الاصطناعي”.
وأكد البروفيسور العيد جلولي أن على الساحة ظهرت كتابات كثيرة حول “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي”، وأضاف: “بين يديّ وأنا أعد هذه الورقة نماذج كثيرة من هذه الكتابات، منها كتاب “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” لمارك كوكلبيرج، ترجمة هبة عبد العزيز غانم، “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي للتنفيذيين” للدكتور عبد الله بن شرف الغامدي، “مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي” لوفاء فوزي، “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” لسمير الحكيم، “الذكاء الاصطناعي والإنسانية: التحديات الأخلاقية لعصر هيمنة الآلة” لعلاء طعيمة، “مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” الصادر عن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي وكتاب “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” لبسمة نهى الشاوش.
واعتبر البروفيسور جلولي أن كل هذه المبادرات في مجال “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” تسهم، إلى جانب المجهودات الدولية المبذولة (اليونسكو، الاتحاد الأوروبيّ، الجمعيات الدولية...)، في المحافظة على منزلة الإنسان وعلوّه على آلاته الذكيّة، التي ينبغي أن تظلّ مسخّرة لخدمة البشرية، وليس لإلحاق الضرر أو الأذى بها.