السّياحة الثّقافية فرصة لتعزيز الإقتصاد الوطني
تؤكّد الدكتورة يمينة تسكورث، أستاذة بالمركز الوطني للبحث في علم الآثار بتيبازة، على أهمية التراث في التنمية الاقتصادية لأي دولة، مشيرة إلى أنه واحد من أهم مصادر السياحة والدخل الوطني، والجزائر لها من التراث ما يمكن استغلاله في تنمية عجلة الاقتصاد وديمومتها.
أفادت الأستاذة يمينة تسكورث في تصريح لـ “الشعب”، بأن التراث يلعب دوراً هاما في تعزيز الوعي الثقافي والهوية الوطنية للشعوب، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص العمل ودعم الصناعات الحرفية والتقليدية في البلاد.
وترى المتحدّثة بأنّه يمكن استغلال التراث لتنمية القطاعات الاقتصادية الأخرى كالسياحة والزراعة والصناعة، من خلال استخدام المواد الطبيعية المحلية والحرف اليدوية التقليدية في تصنيع المنتجات التقليدية، ممّا يُسهم في تحسين الدخل الوطني وخلق فرص عمل جديدة، باعتبار أن الاستثمار في الحرف التقليدية - حسبها - يمكن أن يؤدي إلى خلق منتجات فريدة تعكس الهوية الثقافية، وتسهم في تعزيز الصادرات وتزيد من القيمة الاقتصادية.
وذكرت المتحدّثة بأن العمل على الاستثمار في التراث الثقافي، يكون أولاً من خلال التحسيس بأهميته، والحفاظ عليه بتنظيم حملات توعوية وبرامج تثقيفية تستهدف المجتمع المحلي والزوار، إضافة إلى تشجيع الشباب على دراسة التراث، والمساهمة في المحافظة عليه وتطويره.
وتشير الدكتورة إلى أنّ أحد أبرز أوجه مساهمة التراث في التنمية الاقتصادية هو السياحة الثقافية “فالمواقع التراثية، مثل المعالم الأثرية والمتاحف، تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم”، وفي نظرها يمكن أن تساهم هذه الحركة السياحية في زيادة دخل الدولة وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص العمل في القطاعات المختلفة، مثل خدمات الضيافة، المطاعم والتجارة. وقالت “عندما يزور السياح المواقع الأثرية، فإنهم لا يساهمون فقط في الاقتصاد المحلي، بل يعزّزون أيضاً من الوعي الثقافي ويشجعون على الحفاظ على التراث”.
الأستاذة يمينة تسكورث أشادت بما تزخر به الجزائر من تراث ثقافي مادي ولامادي، يعكس تاريخاً طويلاً ويعبر عن هوية شعب، مشيرة إلى أنّ الجزائر في الوقت الراهن، تبذل جهوداً كبيرة للاستفادة من هذا الموروث في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، ومواجهة التحديات التي قد تعترض سبيلها. وقالت “أولت الجزائر اهتماماً بارزاً للموروث الثقافي من خلال إدراجه في خطط التنمية الاقتصادية. وتُعتبر السياحة الثقافية واحدة من المجالات التي تمثل فرصة كبيرة لتعزيز الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الجزائر تمتلك مجموعة غنية من المعالم الثقافية والتاريخية عبر الوطن”، وأضافت “يعمل القطاع السياحي على جذب الزوار الأجانب والمحليين، مما يسهم بشكل مباشر في زيادة الإيرادات الوطنية وتوفير فرص العمل”.
ومن جهة أخرى، تقول تسكورث بأنّ الجزائر تسعى إلى تعزيز صناعات الحرف التقليدية، التي تعبّر عن الهوية الثقافية، مشيرة إلى أنّ “الحرفيون في الجزائر يقدمون منتجات تتنوع بين الفخار والنسيج والزخارف التقليدية، والتي يمكن تصديرها إلى الأسواق العالمية. هذا النوع من الصناعات يُعزز القيمة المضافة للاقتصاد من خلال خلق فرص جديدة وتنويع المصادر الاقتصادية”.
وبالرغم من ذلك تقول المتحدّثة “تواجه الجزائر مجموعة من التحديات في سعيها لاستغلال موروثها الثقافي، منها عدم الوعي الكافي بأهمية الثقافة كعنصر اقتصادي هام، إذ لا يزال هناك نقص في البرامج التعليمية والتوعوية التي تعزز من المفاهيم الاقتصادية المرتبطة بالتراث الثقافي”، وأضافت بأن الحفاظ على الموروث الثقافي يتطلب الدعم الحكومي والمجتمعي، فمن منظورها “الاستثمار في تعليم الحرف التقليدية وتعليم الشباب القيم الثقافية تُعتبر ضرورية لضمان انتقال هذا التراث إلى الأجيال القادمة. وهذا يتطلّب توسيع نطاق المشروعات الثقافية لتشمل جميع مناطق الجزائر، بما يُسهم في تعزيز التوازن الاجتماعي والاقتصادي”.