فتح المسرح الجهوي لسيدي بلعباس ورشات تكوينية عبر عدد من المؤسسات التربوية للأطوار التعليمية الثلاثة، في إطار دعم الدولة لترقية الفنون والآداب.
نشّط مجموعة من الفنانين والأكاديميين على مدار ثلاثة أيام ورشة تكوينية على مستوى ثانوية “نجادي محمد” بسيدي بلعباس حول مشروع بكالوريا الفنون، حضرها تلاميذ الأطوار الثلاثة لتعريفهم بشعبة بكالوريا الفنون التي تفتح أمامهم آفاق الإبداع والتخصّص وتمنحهم فرصة التعبير عن إبداعاتهم الفنية في مجالات متنوّعة، لا سيما المسرح والفنون الأدائية، ممّا يساهم في تنمية مهاراتهم وإثراء قدراتهم الذهنية والاجتماعية.
المشروع الواعد يعكس رؤية الدولة الجزائرية لتطوير التعليم والفن، يتم تجسيده بالتنسيق بين وزارتي التربية والتعليم والثقافة والفنون، وفقا لأسس علمية وفنية تساهم في تأهيل التلاميذ لولوج عالم الفن بشكل أكاديمي وتطبيقي، ويكون لهم فرصة صقل ميولاتهم الفنية، وتوجيهها في إطار أكاديمي سليم، وفقا لأسس علمية وفنية، مما يعزّز التنوّع الثقافي والفني ويمنح لكل طالب الفرصة للتميز.
تأتي بكالوريا الفنون تنفيذا لتوجهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الذي يولي أهمية بالغة لقطاع التربية والتعليم باعتباره أحد ركائز بناء المجتمع، ، وتعزيز دور الثقافة والفنون في المنظومة التربوية، خاصة في ظل التحوّلات الثقافية والاجتماعية التي تعيشها الجزائر والتطوّر التكنولوجي والرقمي.
نشّط الورشة خلال اليوم الأول كل من الفنانين العمري كعوان، تونس آيت علي، بوبكر سكّيني، حمداني قدور، حمزة جاب الله، الدكتور بوكراس محمد مدير المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري ببرج الكيفان من الجزائر العاصمة، الدكتور سوالمي الحبيب من جامعة أبي بكر بلقايد بولاية تلمسان، البروفيسور إدريس قرقوى من جامعة جيلالي اليابس بسيدي بلعباس، مدير الثقافة والفنون لسيدي بلعباس، وإطارات من مديرية التربية وأساتذة الفنون وإطارات من المسرح الجهوي لسيدي بلعباس، حيث أفادوا خلال نقاشاتهم أمام التلاميذ بأن بكالوريا الفنون ليست مجرد مادة دراسية جديدة وفقط، بل تمثل أداة حيوية لبناء جيلٍ واعٍ، قادر على التعبير عن نفسه بطرق إبداعية تعكس هوية وطنه.
كما أشار المؤطرون إلى أن استحداث شعبة بكالوريا الفنون في الطور الثانوي تؤكد على أهمية تطوير الفن كأداة فاعلة في تشكيل هوّية الأجيال القادمة، وتعزيز دور الثقافة والفنون في النظام التعليمي، خاصّة في ظل التحوّلات الثقافية والاجتماعية، كما تؤكد التزام الجزائر بتحقيق التكامل بين التعليم والفن، وتهيئة بيئة ملائمة للإبداع تحت إشراف أكاديمي علمي ومنهجي، وهو ما سيسهم ـ بحسبهم ـ بشكل كبير في تشكيل مستقبل ثقافي وفني مشرق للأجيال القادمة، ويجعل من الفن سلاحًا فاعلًا في يد الشباب لبناء مستقبل مشرق.
كما كان تلاميذ الطور المتوسط على موعد مع الورشات التكوينية للحكواتي، التي من خلالها يتسنّى لهم تعلم وتذوق جمال الموروث الشفهي اللامادي، وتتيح لهم اكتشاف قصص الأجداد والحكايات الشعبية التي تُعبّر عن هوية الشعب الجزائري وذاكرته الجماعية، وعلى الحكم والقيم والأساطير الشعبية التي تحتويها وتاريخها الذي يتحدّث عن التحدّيات والآمال التي عاشها الشعب الجزائري عبر مختلف الحقبات والعصور..
وقد أشرف على الورشات فنانون ومبدعون في مجال الحكي ومختصون من ذوي الخبرات، على غرار الحكواتيين سهام كتنوش ونعيمة محايلية، بالإضافة إلى الحكواتي فارس إدير من بجاية.
هذا الأخير أشرف على ورشات فن الحكي بمركز “النعمة لذوي الاحتياجات الخاصة”.
الفنانون أكدوا عزمهم على نقل التراث الشعبي للأجيال حتى يتم الحفاظ على الموروث الشفهي اللامادي، ويعمّق معرفتهم بتاريخهم ولغتهم ويعزّز لديهم الشعور بالفخر والانتماء للثقافة الجزائرية، على اعتبار أن هذا النوع من الفنون ينمّي المهارات التواصلية، ويمّكن الطفل من تعلم فنون السرد والتعبير عن نفسه بثقة، كما ينمّي مخيلته وتحفزه على الإبداع.
ويعتبر المؤطرون أن الورشات تفعيل للذاكرة الجماعية، وإعادة بناء الجسور الفنية والإبداعية بين الأجيال من خلال الحكاية، ويعلم الطفل كيف يُواجه الحياة بشجاعة والتسلح بالمعرفة والعزيمة.
ورشة لصناعة الماريونيت
وبالمقابل، استحدث المسرح الجهوي لسيدي بلعباس ورشة لصناعة الماريونيت على مستوى المؤسسات التربوية، لتعليم التلاميذ على مدار ثلاثة أيام الإبداع والابتكار، وبناء شخصيات من مواد بسيطة يحاكون من خلالها الماضي ويخاطبون الحاضر، واستخدامها في التعبير الفني والدرامي.
وتهدف الورشة إلى تعليم التلاميذ العمل الجماعي وتنمية مهاراتهم في التمثيل، حيث يتعلم كيفية تحريك الماريونيت بشكل فني والتفاعل معها في مشهد درامي، وتقديم عروض قصيرة جماعية للماريونيت، هذه الورشات يراد منها تحفيز التلاميذ الذين لهم ميول وشغف الفن على ولوج هذا العالم لصقل مواهبهم الإبداعية واختياره كمشروع حياة لبناء مستقبل مشرق.