طباعة هذه الصفحة

يؤمن أن الكتابة وعي فكري.. أشرف مسعي لـ”الشعب”:

التاريـــخ يصنع المستقبل وجذوة المقاومـــــة لــــــن تخفــــــــــت

حوار: فاطمة الوحش

 

أشرف مسعي، كاتب جزائري وأستاذ لغة عربية في الطور المتوسط، اختار الكتابة طريقه للتعبير عن نفسه وعن قضايا وطنه.. بدأ رحلته مع الكتب من مكتبة المدرسة، متأثرا بكتابات مصطفى لطفي المنفلوطي، خاصة رواية “ماجدولين” التي تركت فيه أثرا كبيرًا.. مسعي لا يرى الكتابة إلهاما فقط، وإنما يعتبرها بحثا دائما عن الحكاية في تفاصيل الحياة اليومية.. يكتب الواقع ويغلفه بالخيال، ويعيد صياغة التاريخ ليصنع منه حاضرًا أدبيا ينبض بالحياة.. التقيناه.. سألناه عن روايته الجديدة”من جبل الجرف إلى تل أبيب”، فكان هذا الحوار..



 الشعب: كيف بدأت رحلتك مع الكتابة؟ وهل كنت تتوقع أن تصبح روائيًا؟
 أشرف مسعي: امتطيت فرس الكتابة متأثرا بكتابات مصطفى لطفي المنفلوطي، خاصة روايته ماجدولين، حتى إنني أسميت أختي الصغرى مجدولين. كانت أول رواية قرأتها، وجدتها في مكتبة المتوسطة، وبكيت كثيرًا على ما حل ببطل الرواية.. ستيفن. بعدها أصبحت القراءة بالنسبة لي طقسا يوميًا لا يمكن الاستغناء عنه.. أما رحلتي الأولى خارج الديار والثقافة العربية، فكانت مع رواية “المسخ” لفرانز كافكا، فانتقلت بي من الوعي اللغوي إلى الوعي الفكري.. الكتابة عندي وعي فكري وأيديولوجي، واللغة هي وعاء هذا الفكر، فالألفاظ حصون المعاني.. ليس المهم ما أتصور، فلست سوى شاهد على قبر. هذا هو التشبيه الذي يليق بهذا الحدث أو الحكاية العابرة. ويمكن أن أتصور نفسي في هذه الحكاية نابشا أو حفارا للقبور. لا علاقة لي بالسحر والشعوذة، لكن لي علاقة متجذرة بالتاريخ والحضارات السابقة، ولأننا نعيش في عصر السلعة والتجارة، حولت الأبحاث التي أقوم بها فيما يتعلق بالآثار إلى تجارة، وبها أدر ربحًا وأقتات على الثقافة والحضارة..

 كيف تختار المواضيع التي تكتب؟ هل تعتمد على الحدس أم البحث؟
 أبحث في الهامش عن حكاية تكون مركزًا له.. أبحث في المقاهي، في الأسواق، في المستشفيات، وفي السجون.. أجالس الشيوخ والعجائز، وأستلهم منهم الحكايات.. أبحث في الكتب، في الروايات، في القصص، وفي مخيلتي أيضًا.. أحاول ربط شخصياتي المتخيلة بالواقع، وأؤثث الواقع بالخيال والحكايات. بين الحدس والبحث، أبحث في كل شيء يحيط بي عمّا يصلح للحكي والسرد. لا يمكن للكاتب والمبدع - في رأيي - أن يعتمد على حدسه فقط، بل يجب أن يبحث ليكتب.. الكتابة بحث وتحرٍّ واستقصاء..

 كيف تتعامل مع الكاتب بداخلك عندما تواجه ما يعرف بـ«حاجز الكتابة” أو فقدان الإلهام؟
 أظن أن حبسة الكاتب هي جزء من العملية الإبداعية، وقد تستمر معي لأكثر من شهرين. ولا أرى حلاً لهذه المشكلة إلا القراءة التي تشبه - بالنسبة لي - خزان الوقود الذي تحتاجه الكتابة.. عندما أواجه الحاجز، أبتعد عما كنت أكتبه، وأنشغل بأشياء أخرى كالسفر أو مشاهدة الأفلام.

 ما الذي ألهمك لكتابة “من جبل الجرف إلى تل أبيب”؟ كيف جاءت فكرة العنوان، وما دلالته الرمزية في الرواية؟
 العنوان فيه إحالة مباشرة على معركة جبل الجرف بولاية تبسة يوم 22 سبتمبر 1955، وعلى ثورة التحرير المباركة.. أردت أن أربط التاريخ بالحاضر والواقع. “تل أبيب” في العنوان تمثل ما يحدث في غزة وفلسطين. حاولت أن أربط “طوفان الأقصى” بثورة التحرير، وأسميت بطل الرواية “خالد” إحالة على كلمة سر الثورة، ونسبة إلى سيف الله المسلول خالد بن الوليد.

 حدّثنا عن الرواية بإيجاز؟
 نهض خالد ليجد نفسه في مستشفى “ألبير كامي” بباريس، ولا يتذكر من ماضيه إلا اسمه. سنخوض معه رحلة البحث عن الهوية والذاكرة، عن الحب والخذلان، وعن الوطن المفقود.. يتعلق خالد بممرضة فرنسية تُدعى ناتالي، لكننا نتساءل: هل هي علاقة حب حقيقية أم مجرد وسيلة للاتصال بالحاضر؟ تبدأ ذاكرة خالد في العودة عندما يمر من أمام السفارة الجزائرية في باريس ويرى العلم الجزائري. يقوده الإحساس إلى مكتبة، فيقرأ عن الجزائر ويجد كتابًا يقدم له بعض الأسرار.. نحتفظ بها حتى لا نفسد الحبكة على القارئ..

 ما الرسالة التي أردت إيصالها من خلال الرواية؟
 أردت أن أقول إن التاريخ يصنع حاضرنا، والحاضر يصنع المستقبل. الإنسان لا يمكنه أن يعيش دون ماضٍ أو جذور. التاريخ والماضي هما ما يحددان هويتنا.. ربطت بين “جبل الجرف” و«تل أبيب” إشارة إلى تاريخنا المجيد وثورة نوفمبر المباركة، وبين ما يحدث الآن في فلسطين، في محاولة للقول إن جذوة المقاومة لا تموت.

 هل ترى نفسك في أي من شخصيات الرواية؟
 نعم، أرى نفسي في شخصية خالد. بل أرى أن كل جزائري هو خالد الذي انتصر لنفسه، ولشعبه ووطنه، وتاريخه وحضارته.

 ما المشروع الأدبي الذي تحلم بإنجازه؟
 أحلم بأن تتحول روايتي “من جبل الجرف إلى تل أبيب” إلى فيلم سينمائي. وأعمل حاليًا على مجموعة قصصية بعنوان “دوبل سيس”..