بالرغم من قيود كورونا التي كبّلت وبإحكام على مدار عامين قبضتها على البشرية، وتفنّنها في شل حركة عربات الأنشطة الثقافية الاعتيادية على أرض الواقع، إلا أن هذه الأخيرة رفعت تحديا في العالم الافتراضي، حيث ظهر ذلك جليا في البرامج الموجهة للطفولة، ووفق أعمال اختيرت بعناية تامة وقُدّمت كمادة ترفيهية تعليمية، تمّ الترويج لها من طرف مختصين في تنشيط برامج الأطفال..
صرّحت منشطة الأطفال بالديوان الوطني للثقافة والاعلام فتيحة قبايلي، أنّ جائحة كورونا فرضت على الكثير من المؤسسات والجمعيات الثقافية، تنظيم أنشطة افتراضية عبر صفحاتهم، بما فيها الموجهة للأطفال، قصد فتح باب التفاعل عبر المنصات كتعويض أو بديل مؤقّت إزاء الوضع آنذاك، ولاحظت ذات المنشطة أن محتوى تلك الأنشطة ساهم ولعب دورا كبيرا في زيادة الوعي لدى الجمهور الصغير، حيث أن ما شمله المضمون الافتراضي لتلك الأنشطة هو في الغالب نفس ما يحتويه على المباشر.
رسائل توعوية
أضافت المتحدثة، أنّ كل الأركان الترفيهية والتربوية هي بمثابة رسائل هادفة، حيث تمّ التركيز فيها على تقديم الإضافة الفكرية الإيجابية للطفل، كما جاء على لسانها في هذا السياق: «البرنامج الافتراضي لم يكن مجرد عروض للتسلية ولكسر روتين الحجر الصحي، بل كان يتضمن سلسلة من الرسائل التوعوية التحسيسية حول الجائحة، إلى جانب التطرق إلى تحفيز الفكر لديهم، وذلك من خلال جو التنافس المدروس وفق محتوى فقرات المسابقات الفكرية التفاعلية، المؤطرة سواء من طرف المؤسسات أو الجمعيات الثقافية»، وذكرت على سبيل المثال جمعية «زهرة بلادي» التي تفاعل معها الأطفال بشكل لافت، خاصة مع ما قدمه المهرج «كوكي»، لاسيما بقية الجمعيات النشطة في ذات المجال».
وأجابت في الأخير عن سؤال «الشعب» حول الطريقة المثلى التي يمكن أن تجنب الطفل من مساوئ الإنترنت؟ قائلة «أولا من يتحمل النتائج هم الوالدين بالدرجة الأولى، وأرى بأنه من بين الطرق التي يمكن من خلالها أن نتفادى نتائج غير حميدة، مراقبة الاطفال في العالم الافتراضي، والاستخدام المفرط للبرامج أمام أجهزة الحاسوب، الذي له تأثيره السلبي هذا بالنسبة للطفل، أما بالنسبة للمراهق يجب الانتباه للعلاقات الافتراضية التي يقيمها، مع تقديم له النصح مفاده أنها لن تكون بقوة العلاقات المباشرة والحقيقية، ولن تحل محلها، لاسيما مخاطر الألعاب العنيفة، وما خلفته من جرائم إلكترونية راح ضحيتها نسبة كبيرة من الأطفال».
مليكشي: عروض هادفة
من جهتها، ذكرت فايزة مليكشي منتجة ومقدمة عروض متنوعة للأطفال، أن الفضاء الافتراضي خلال جائحة كورنا كوفيد-19 أدى دورا مهما في تنشئة الطفل، من حيث البرامج القيمة التربوية الهادفة، كونها كانت تتابع بدقة ما كان يقدم عبر المنصات الافتراضية وصفحات التواصل الاجتماعي، وحسبها فإن المضمون المقدم على العموم ساهم كثيرا في زيادة وتنمية وعي الطفل وفكره، حيث ساهمت هي بدورها على تقديم على غرار الحكواتي المتعة والتسلية والمعرفة من خلال عروضها التربوية المتنوعة.
تطرّقت المتحدثة في حديث مع «الشعب» إلى مساوئ ومحاسن العالم الافتراضي بالنسبة للطفل، حيث قالت في ذات الخصوص: «تناولت مساوئ العالم الأزرق وطرحته وجسدته من خلال عرض مسرحي يحمل عنوان «الهدية»، يتكلم مضمون العمل باختصار عن أمّ تهدي طفلها في عيد ميلاده لوحة رقمية «تابلات»، تبدأ المشاكل بعدم مراقبتها لابنها الذي سيستعمل الانترنت في الجانب السلبي وألعاب العنف..فيتحول من طفل مهذب مجتهد في دراسته إلى طفل عنيف مهمل..وتتفاقم المشكلة أيضا مع الجيران، زملائه في المدرسة وصولا إلى الشرطة من خلال هجومه على زميله بالضرب، متخيلا ما يشاهده من ألعاب العنف..فتسقط الأم أرضا من الصدمة..الشيء الذي جعلها تفكر في حل استعجالي لتنقذ ابنها من خطر الادمان على الانترنت (..مسرحية هادفة في طابع فكاهي عالجت موضوع الاستعمال السيء للأنترنت مما جعل المنظمين والأولياء يطلبون إعادتها، وغيرها من المواضيع الهادفة».
أما الجانب الفكاهي الذي اعتمدت عليه فايزة مليكشي لجلب ولفت انتباه الطفل، يتمثل في عروض تنشيطية، ترفيهية وتربوية كلها تصب في الجانب التربوي الهادف، لاسيما ما يحمله الالبوم الغنائي الجديد الذي أنتجته وقامت بتلحين موسيقاه لتجلب انتباه الطفل، وتقدم له مادة إبداعية وذلك عن طريق كلمات لأغاني مدروسة، حيث تم فيها معالجة مواضيع تربوية هادفة، منوهة في ذات الصدد إلى أهمية الاعتناء بالجانب الترفيهي، هامسة في أذن الجميع «الاطفال أمانة في رقبتنا هم ضيوف عروضنا المدروسة، فعلينا أن نجتهد ليكونوا جيل الغد الصالح بإذن الله».