يعيش معظم تلاميذ المدارس الابتدائية بولاية سكيكدة وضعا صعبا يتمثل في نقص التدفئة والنقل وغيرها وتتملص مديرية التربية من هذا الإشكال بسبب تبعية المدارس الابتدائية إلى البلديات تاركة معاناتهم متواصلة، ورغم أنه لم يعد يفصلنا سوى أقل من شهرين عن انتهاء الموسم الدراسي، الا أن كل الوعود المقطوعة ذهبت أدراج الرياح.
التفاصيل في هذا الإستطلاع لجريدة «الشعب».
ويظهر من خلال الإستطلاع الميداني كيف عجز مسؤولو قطاع التربية بولاية سكيكدة عن تجسيد الالتزامات التي قطعوها على أنفسهم خلال انطلاق الموسم الدراسي، واذا كانت التدفئة تتصدر الانشغالات المطروحة، فان التدفئة ليس المشكل الوحيد المطروح، اذ يضاف لها مشكل النقل والاكتظاظ واللجوء الى الدروس الخصوصية.
يصارع مئات التلاميذ في العديد من المدارس بسكيكدة، خاصة في المناطق النائية، البرد القارس في الأقسام الدراسية، التي تحولت إلى ثلاجات حقيقية بسبب مدفئات معطلة، لغياب أعوان الصيانة وانعدام مادة المازوت، أو غيابها عن الأقسام كلية، كما ما يزال مشكل الإطعام يشكل هاجسا للعديد من هؤلاء التلاميذ الذين يضطرون إلى تناول وجبات باردة جراء غياب المطاعم، لأسباب غالبا ما يتم تفسيرها بكون البلديات عاجزة ماليا، ليبقى بذلك التلميذ رهينة هذا الوضع المتكرر كل سنة.
الإكتظاظ مشكل في طريق الزوال
وبسبب الاكتظاظ الموجود بالأقسام يلجأ تلاميذ بالأطوار الثلاثة إلى الدروس الخصوصية في أربع مواد وهي الرياضات، العربية، الفرنسية واللغة الانجليزية وعن سبب اختيارهم لهذه الطريقة ذكر الكثيرون لـ«الشعب» سبب اكتظاظ الأقسام التعليمية بالتلاميذ، مما ينتج عنه حدوث فوضى عارمة داخل الأقسام لذا يلجأون إلى الدروس الخصوصية مقابل دفع مبلغ مالي يصل إلى حدود ٢٠٠٠ دج، وبعض الأولياء أصبحوا يرون في الساعات الخصوصية حتمية لابد منها.
فالأستاذ لا يستطيع إيصال المعلومة لأكثر من ٤٠ تلميذا في القسم كان متمكنا، كما يرى بعض المفتشين بمديرية التربية، بأن بعض أولياء التلاميذ هم الذين يشجعون هذه الظاهرة التي أضحت موضة والمديرية أخذت كل الاحتياطات من تخصيص ساعات الدعم أو الاستدراك أو الساعات الفارغة الموجودة ببرنامج التوقيت للتلاميذ.
ومن المنتظر، ان يتدعم قطاع التربية بولاية سكيكدة بـ٠٩ ثانويات جديدة، سيتم إنجازها على مستوى العديد من البلديات كبلديات صالح بوالشعور، بني زيد، الزيتونة، زردازة، أمجاز الدشيش، ابن عزوز، أم الطوب، فلفلة وعزابة، من أجل امتصاص الضغط الذي بمؤسسات التعليم الثانوي بهذه البلديات، وستة ثانويات المبرمجة للإنجاز تتسع لـ١٠٠٠ طالب وطالبة، ولـ٣٠٠ مستفيد من نظام نصف داخلي، أما الثانويات الـ٠٣ المتبقية، فهي تتسع لـ٨٠٠ طالب وطالبة، و٢٠٠ مستفيد من نظام نصف داخلي، علما أن مشروع ٠٣ ثانويات المسجلة سنة ٢٠١٠ تعرف بطئا كبيرا في الإنجاز، إذ لم تتعدى ١٠ بالمائة، مثلما هو الحال بالثانويات المقرر إنجازها وسط بلدية زردازة، أمجاز الدشيش وابن عزوز. وفيما يتعلق بثانوية أم الطوب المسجلة سنة ٢٠١٢، فإن صفقة إنجازها تم إسنادها مؤخرا إلى مقاولة، أما ثانوية فلفلة وعزابة ضمن برنامج ٢٠١٢، فالأولى تعد في طور الدراسة، أما الثانية فهي محل مناقصة.
كما استفاد قطاع التعليم الثانوي من عملية توسيع ٣٢ قسما على مستوى كل من ثانويات فلفلة، كاسيس عبد الرحمن بعزابة، كاتب ابراهيم بعين شرشار ومتقن عبد السلام بودبزة بسكيكدة، كما استفادت ثانوية الزرامنة من مشروع إنجاز نصف داخلية بإمكانها تقديم ٣٠٠ وجبة من جانبها، استفادت ثانوية مفدي زكرياء بفلفلة من مشروع إنجاز وحدة للكشف المدرسي، ستنطلق أشغال الإنجاز بها مباشرة بعد الحصول على الميزانية الإضافية، زيادة على برمجة إنجاز ١٤ قاعة للرياضة على مستوى ١٤ ثانوية.
للاشارة، فان أشغال إنجاز قاعتين للرياضة لم تنطلق بعد، بسبب سوء اختيار الأرضية المقرر إنجازهما عليها، ويرتقب تسلم ٠٣ قاعات للرياضة، بينما تلك التي تم الشروع في إنجازها والمقدر عددها بتسع قاعات للرياضة، فإن نسبة تقدم الأشغال تتراوح ما بين ٢٥ بالمائة و٨٠ بالمائة، وقد تم فتح ثانويتين جديدتين خلال السنة الدراسية الحالية، احداهما ببلدية عين قشرة والثانية ببني ولبان.
النقل المدرسي هاجس المنطقة الغربية
يعاني تلاميذ المناطق الريفية، من مشكل النقل من وإلى مؤسساتهم التعليمية، ففي الجهة الغربية من الولاية، يقطع المتمدرسون عشرات الكيلومترات في ظروف مناخية قاسية، ويضطرون الى الانقطاع عن الدراسة لأيام عديدة.
فالمعاناة مستمرة ببلديات أقصى غرب الولاية، حسب أراء من تحدثنا معهم ذلك أن تلاميذ الابتدائي والمتوسط يضطرون للمشي وسط الأحراش والغابات للوصول إلى المدارس، إضافة إلى تحملهم البرد والأمطار، ذنبهم الوحيد أنهم يسكنون في مناطق نائية وآباؤهم من ضعيفي الدخل من جهة، وعدم تدخل السلطات المحلية لحل مشاكلهم.
أما القرى التي تتميز بمسالك صعبة والواقعة بأقصى الجهة الغربية، فتلاميذها يستنجدون بالحمير للوصول إلى المدارس عبر مسلك غابي وسط الحقول تتخلله مخاطر لا تعد ولا تحصى لأنه يعج بالمنحرفين، أين تكثر معاكسة الفتيات والاعتداءات المتكررة على الذكور، وانتشار الكلاب الضالة، بالإضافة إلى قطع الوديان في عز البرد القارس، وهي المعاناة التي وقفنا عليها بقرية أحمد سالم بكركرة، حيث يضطر التلاميذ إلى نزع أحذيتهم أربع مرات في اليوم لقطع وادي للوصول إلى متوسطة بورغيدة المتواجدة في الجهة المقابلة للسكان، والتي تم إنجازها سنة ١٩٩٣ وسط مخاطر لا تعد ولا تحصى
رغم حصول البلديات على حافلات لنقل المتمدرسين، إلا أن المشكل لا يزال قائما بجل المناطق، والسبب حسب رئيس فيدرالية أولياء التلاميذ، شويط أن الحافلات تستعمل لغير الغرض الذي وجدت لأجله، حيث عمد بعض رؤساء البلديات إلى تخصيص هذه المركبات للجمعيات الرياضية، الأمر الذي يجعل احترام مواعيد نقل التلاميذ إلى مؤسساتهم من المستحيلات هذا الأمر جعل الآلاف من التلاميذ القاطنين بقرى ومداشر الولاية يعانون من النقل وأثر مردودهم الدراسي خاصة في الطورين المتوسط والثانوي، وجعلهم يعجزون عن تحمل الظروف المناخية القاسية لفصل الشتاء. فالكثيرون منهم يضطرون لقطع الوديان والمسالك الجبلية الصعبة والمشي في طرق مهترئة، رغم أن المنطقة ما تزال تعرف توترا أمنيا واعتداءات إرهابية من حين لآخر.
وأبدى أولياء التلاميذ استغرابهم الشديد لواقع النقل المدرسي وعدم أخذ الجهات المحلية نتائجه السلبية مأخذ الجد، مما أدى إلى شن حركات احتجاجية متكررة للمطالبة بتوفير النقل المدرسي، كما حدث مؤخرا ببلديات وادي الزهور، أولاد أعطية والولجة بوالبلوط، حيث قاطع التلاميذ الدخول المدرسي في أسبوعه الأول.
في تصريحهم لنا
حافلة دون مقاعد
كما استنكر المئات من أولياء التلاميذ إقدام رؤساء البلديات على تخصيص شاحنات من نوع «سوناكوم» لا تتوفر على مقاعد وتفتقر لأدنى ظروف الراحة، كمركبات لنقل التلاميذ ذكورا واناثا لمسافات طويلة، ما دفع بالعديد منهم إلى حرمان بناتهم من مواصلة مسارهن الدراسي. ويعتمد المئات من التلاميذ بعديد البلديات الجبلية على السيارات النفعية، التي لا تصلح حتى لنقل البضائع، من أجل التنقل إلى مدارسهم في غياب النقل المدرسي. ويلجأ بعضهم إلى وسائل نقل أخرى، رغم التكلفة التي تضيفها إلى ميزانية الأسر المحدودة الدخل، حيث يستنجدون ذكورا وإناثا بالسيارات والشاحنات المارة عبر الطرق المحاذية لمقر سكناهم قصد الوصول إلى مؤسساتهم التربوية، سيما المتوسطات والثانويات غير المتوفرة في تجمعاتهم السكنية، بينما يضطر البعض منهم إلى المشي على الأقدام. والأمثلة عديدة عن هذه المعاناة، وأبرزها تلك التي يعيشها يوميا سكان قرى ومداشر ببلديات أم الطوب، سيدي مزغيش، جندل، السبت، الولجة بوالبلوط وغيرها من المناطق المعزولة، حيث يقطع أبناؤهم نحو ٣ كيلومترات صباحا ومساء .
فقد طالب أولياء تلاميذ قرية جواد الطاهر المعروفة براس الماء التابعة إداريا لبلدية عزابة، بتوفير النقل المدرسي لفائدة أبنائهم الذين يتنقلون لمسافة تزيد عن ٥ كلم للالتحاق بمؤسساتهم التربوية بمدينة عزابة وأكد العديد منهم أن التلاميذ يتنقلون في ظروف خطرة على مستوى الطريق الوطني رقم ٤٤ خاصة مخاطر حوادث المرور، بالإضافة إلى التأثير السلبي على التحصيل الدراسي كون التلاميذ يدخلون حجرات الدراسة وهم متعبون من مشاق التنقل مشيا على الأقدام مسافة خمس كيلومترات، وأوضح أولياء التلاميذ ان مصالح بلدية عزابة لم تستجب لمطلبهم الذي تقدمون به العديد من المرات ويطالبون الجهات الوصية خاصة مديرية التربية النظر في مشكل أبنائهم وإنهاء معاناتهم.
التدفئة حلم يراود التلاميذ
وفيما تتملص مديرية التربية من إشكال التدفئة كون المدارس الابتدائية تابعة إلى البلديات يعيش آلاف التلاميذ البرد القارس داخل الأقسام وخارجها الذين ناشدوا كذا مرة السلطات المعنية بضرورة الإسراع في انجاز التدفئة المدرسية أو توفير مدافئ بالمدارس، غير أن إشكال غاز المدينة الذي تفتقر إليه أكثر من ٢٠ بلدية بولاية سكيكدة، يقف حجرة عثرة في وجه اقتناء المدافئ كما ان مشاريع انجاز شبكات التدفئة ستكلف خزينة البلديات مبالغ طائلة هي لحد الآن عاجزة عن تسديدها.
وقد نظم خلال موجة البرد الاخيرة، الطاقم التربوي لثانوية «حسين بولوداني» بحي ٢٠ أوت وسط مدينة سكيكدة وقفة احتجاجية عقب تعطل جهاز التدفئة، استنكروا من خلالها عدم اصلاحه وتركهم عرضة للبرد مطالبين بتدخل فوري وسريع لاحتواء الخلل.
ما يزال تلاميذ مدرسة نطور بدون مطعم مدرسي، ويجبرون أكثر من ٣٠٠ تلميذ على التنقل لمسافة تصل إلى كيلومتر، من أجل تناول وجبة الغذاء، التي هي في الغالب باردة، كما يطالب الأولياء بضرورة فتح مطعم مدرسي في المدرسة من أجل تبديد مخاوفهم من إرهاب الطريق المحفوف بالمخاطر، بينما لجأ العديد من أولياء التلاميذ ببلديتي الشرايع وبني زيد بمقاطعة الدراسة احتجاجا على تواصل غلق المطعم المدرسي منذ الدخول الدراسي الجديد.
وقد استنكر، رئيس الفدرالية الولائية لجمعية أولياء التلاميذ لولاية سكيكدة، انعدام التدفئة في عدد كبير من المؤسسات التربوية المتوزعة عبر ربوع ولاية سكيكدة، رغم الأغلفة المالية الكبيرة التي رصدتها الدولة لتنفيذ المشروع، محذرا من الانعكاسات التي تتهدد صحة المتمدرسين بسبب موجة البرد الشديدة التي تجتاح المنطقة كل فصل شتاء.
فقد اخلفت مديرية التربية لسكيكدة، الوعود التي قطعتها على نفسها خلال بداية الموسم الدراسي، والتي تعهدت بموجبها تعميم التدفئة على كل المؤسسات التربوية، مع معالجة كل العراقيل المادية أو التنظيمية التي تعيق سيرها العادي والمتواصل خلال كامل الفترة البادرة للموسم الدراسي.
وكشفت موجة البرد القارص التي تعيشها الولاية الواقع المتردي الذي تعرفه نسبة كبيرة من المؤسسات التربوية وذلك بسبب غياب التدفئة كلية أو تعطلها في أحسن الأحوال، ففي التعليم الثانوي و من أصل ٤٨ ثانوية ١٨ منها تعاني من تأخر تزويدها بهذه الأخيرة و في التعليم المتوسط و من أصل ١٢٥ متوسطة ٤٢ منها تعاني أيضا من نفس المشكل، أما في التعليم الابتدائي و من أصل ٤٤٤ مدرسة ابتدائية ١٩٧ مدرسة عملية تزويدها بالمدفئات تعرف تأخرا و إلى جانب هذا المشكل فقد عرض مسؤولو المؤسسات التربوية مشكلة المساكة والفراغات الصحية بالخصوص على مستوى دورات المياه.
أبواب هشة ونوافذ محطمة
وأكد رئيس الفيدرالية جانب من النقائص المتمثلة في وضعية الأبواب والنوافذ المحطمة، مما جعلها تتحول إلى شبه ثلاجات من شدة البرد الذي ينفذ من كل الجهات، هذا الوضع المأساوي كشف المستور وفضح لحد كبير سوء تسيير المسؤولين نتيجة لشكاوى عدة رفعتها الأسرة التربوية من أجل توفير التدفئة والوقود داخل المدارس، ففي بلدية بين الويدان أصبحت الأقسام الدراسية بمثابة ثلاجة مفتوحة، في ظل انخفاض درجات الحرارة، وتعمم هذه الحالة على العديد من المؤسسات التربوية خاصة من الابتدائيات، بعد ان اصبح التلاميذ عاجزون عن حمل الأقلام وفتح المحافظ، أما الكارثة الكبرى، فترتكز بالمناطق الغربية و الجنوبية من الولاية، حيث لا تزال المدارس تستعين بمادة المازوت من أجل التدفئة.
من جهتها، أعربت مصادر تربوية عن قلقها إزاء عدم التزام السلطات المحلية بمسؤولياتها تجاه تجهيز المطاعم المدرسية بالغاز واليد العاملة المؤهلة، ما يؤدي بالمشرفين على المطاعم المدرسية إلى الإبقاء على الوجبات الباردة. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن المطاعم المدرسية اخر اهتمامات السلطات المحلية.