إن كان الجزائريون يتفهمون «الآليات» الكامنة وراء تحديد أسعار الخضر والفواكه، بأسواق الجملة، فإن الأمر غامض لديهم فيما يتعلّق بمادة التمور، التي حقا يستغرب لثمنها الذي وصل إلى حدّ لا يطاق، وغير معقول.. المتوسطة النوعية تتجاوز ٧٥٠ دينار أما العادية ٦٥٠ دينار، أما الأقل من الوصفين السالفي الذكر، فتتراوح ما بين ٤٥٠ و٥٥٠ دينار، ناهيك عن «العرجون» أو ما يعرف «بالشمروخ».
وهذا السقف المرتفع والباهظ الثمن في آن واحد. يجعل دائما المواطن يتساءل عن هذا المستوى الذي لا يمكن تقبّله، نظرا لبلوغه درجة يستحيل التحكم فيها طيلة سنة كاملة، لا تتحرك قيمته، وهو دائما في الزيادة لأن الكثير من الناس يتناولونه خلال أشهر العام لأسباب عديدة، نظرا لمنافعه الغذائية والصحية، وتصنيفه كفاكهة مفيدة جدا، تشهد إقبالا منقطع النظير.
وكل محلات بيع التمور، لها خصوصيات مميزة ونقصد هنا فئة الزبائن الذين يقصدونها لهم علاقة وطيدة ومتينة مع البائعين يعطونهم ما يريدون من النوعية التي لا يحظى بها الآخرون.. ويوميا نقف على مثل هذه الممارسات ذات الطابع التمييزي.
ولا يوجد من يراقب هؤلاء، كل الثقل متوجه إلى الخضر والفواكه والمواد الواسعة الإستهلاك، في حين يعمل بائعوا التمور في راحة لا مثيل لها وفي جو من الهدوء النادر.. هذا ما جعل هذه الشعبة بعيدة كل البعد عن أعين مصالح المراقبة ولم يفكروا حتى في إدراجها ضمن برامجها المعدة لمعرفة على الأقل كيف يشتغل هذا القطاع؟.
ونقصد هنا، تفاصيل حركية إنتاج التمور إلى غاية وصوله إلى المستهلك بأسعار خيالية ترفض أن تكون أقل مما حدّده لها كل من يسيّر هذا المنتوج عن بعد يدر أرباحا طائلة على أصحابها.
وهناك من المواطنين من يفر في لحظة إطلاعه على يافطة الأسعار، وهي موضوعة فوق صندوق التمور، كونه وجدها في حالة لا يقبل بها من ناحية قيمتها الحقيقية، وهو يدرك جيدا بأن هناك تجاوزات في تحديدها وبأضعاف مضاعفة من المنتج إلى المستهلك أي من مصدرها الحقيقي إلى غاية توفيرها لدى المحلات وهنا نسجّل السلسلة التي مرّت عليها من الجنوب إلى الشمال على أيدي الوسطاء الذي يتحكمون في مسار هذا المنتوج.
وهذه الأسعار الملاحظة اليوم لم تكن بالأمس نظرا لعدم وجود أشخاص يحتكرون هذه المادة ويوجهونها الوجهة التي يريدون، وهذا بتخزينها إلى غاية فقدانها في السوق ثم يعاد إخراجها للعلن بأثمان تجاوزت حدا معينا يشعر الجميع بأنها غير طبيعية تتطلّب العودة إلى أصلها وتعني استقرارها.