من المؤكد أن على المثقف والإعلامي والأديب والشاعر والفنان التشكيلي والمسرحي والمنتج والممثل السينمائي وكاتب السيناريو والموسيقي والمطرب واجب التطرّق إلى الذاكرة الوطنية وتوظيف موهبته وفنّه وإبداعه في صناعة أعمال تاريخية تمجّد بطولات ومآثر الشعب الجزائري الأبي وقصص وملاحم صموده وتضحياته من أجل السيادة والبقاء والعيش بحرية وكرامة.
وإن كتب التاريخ وأرشفة أحداثه ومحطاته كمادة دسمة تحتاج دوما من ينفض عنها غبار الزمن ويعيد إحياءها وتعريف الأجيال المتعاقبة عليها كونها مرجعية وهوية أمة، فاستلهام القدوة واتخاذ العبرة من تضحيات الماضي والاعتزاز بما خلّفه السلف يحتاج إلى لمسة إبداع وحرف جميل وقول متزن وصورة معبرة أو لوحة مسرحية هادفة...
والطريق الأمثل إلى ذلك هو عدم حصر هذا الواجب الوطني في الأعمال الأكاديمية والبحوث الجامعية أو محاضرات الملتقيات والتظاهرات المناسباتية، بل لا بد له أن يتعدى جدران الجامعات ومعاهد البحث ووزارة المجاهدين ليتبناه الأديب والشاعر والموسيقى والرسام والسينمائي والمسرحي والنحّات والرسام الكاريكاتوري وغيرهم من المبدعين.
ولا بد لشباب اليوم أن يتواصل مع ماضي أجداده من خلال الفن والإبداع فالمهمة ليست بالصعبة أو المستحيلة، فكل ما تحتاجه هو إعادة النظر في كيفية التطرق إلى محطات الذاكرة وتقديمها للمتلقي في قالب يستقطب اهتمامه، توظف فيها الإثارة والإلهام والمؤثرات التقنية والنصّ الجيد دون أن ننسى الإحساس المرهف الذي يغذيه حب الوطن والاعتزاز بتاريخه وهوية شعبه وأصالته.
تعود الذكرى الأليمة لمجازر 08 ماي 1945، ليستوقف الزمن الجميع لا للبكاء والتحسّر بل لرد الاعتبار لبطولات وتضحيات شهداء الجزائر بالحفاظ على ذاكرتهم والحديث عنهم للجيل الصاعد والناشئة وتخليد إبداعاتهم في صناعة تاريخ الجزائر المستوحاة من حبهم للجزائر وعشقهم للحرية ونضالهم من أجل العدل والسيادة الوطنية، فالذاكرة الوطنية لا بد لها أن تحىا في كنف الإبداع.