التدقيق في المناطق الصنـاعيــة

سعيد بن عياد
05 ماي 2018

تثير المناطق الصناعية التي يعتزم إنشاؤها بدءا من هذا العام جدلا واسعا يتعدى نطاق عالم الاستثمار ليشمل مختلف الشرائح في ضوء خشية أن تلتهم المشاريع ذات الطابع الصناعي العقار الزراعي المصنف ضمن الموارد الطبيعية الإستراتيجية، خاصة بعد فضيحة محاولة تجريف مستثمرة فلاحية بوهران.
جاء تدخل الوزير الأول تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية ليعيد من خلاله توجيه الجهات المعنية إلى تصحيح البوصلة بحيث لا مجال في أي شكل من الأشكال المساس بالأراضي ذات الطابع الفلاحي ومن ثمة تعيين مواقع ملائمة للمشاريع الصناعية وغيرها بوضعها على مستوى عقارات غير فلاحية وكم هي كثيرة على امتداد الجغرافيا الوطنية التي يمكن إقحامها في ديناميكية استثمارية واعدة.
في هذا الإطار، وتحسبا لمنع أي انزلاق يدفع إليه أصحاب المصالح الضيقة وعديمو الرؤية المتبصّرة، يتكفل ولاة الجمهورية بملف الاستثمار الصناعي ليكونوا مجددا على موعد مع المسؤولية الاقتصادية التي تقتضي النزول إلى الميدان ومعاينة المواقع المحدّدة للاستثمار بالدقة المطلوبة وعدم الاكتفاء بالتأشير على ملفات يعدها بيروقراطيون وموظفون ليس لديهم بُعد نظر أو يفتقرون لرؤية استشرافية شاملة.
 لذلك يراهن على المسؤول التنفيذي بكل ولاية لقيادة مسار الاستثمار، خاصة ما يتعلق بالمناطق الصناعية من أجل ضبط الملفات وفقا للمعايير التشريعية والاقتصادية المحلية مع الحرص على حماية المراكز القانونية للشاغلين للعقارات المستهدفة. ويقتضي هذا انتهاج آلية حوار وتشاور بإقحام مختصين في المسائل الاقتصادية، خاصة الغرف المحلية الصناعية والفلاحية لصياغة قرارات صائبة لا مجال فيها لأي تأويل وتكون منسجمة مع النموذج الجديد للنمو الذي تلعب فيه الفلاحة دور القاطرة.
بطبيعة الحال في مسائل حساسة مثل العقار خاصة الفلاحي لا ينبغي الوقوع في التسرّع والارتجال أو البحث عن حلول سهلة، بقدر ما يجب الحرص على كافة المستويات وعلى الالتزام بالضوابط الصارمة ولعل أبرزها الامتناع طوعا عن المساس بالعقار الزراعي، خاصة الذي يوجد في مرحلة استغلال وإنتاج وحتى الذي يصنف أرضا بورا يتطلب تشخيصا ومتابعة للتأكد من مدى الجدوى الاقتصادية.
لا ينبغي إعادة إنتاج مناطق صناعية لا تحقق الهدف المسّطر، وتكون كلفتها الاقتصادية مستقبلا بالنسبة للدخل الخام غير مواتية للتطلعات وأقل بكثير من الموارد التي ترصد لها، مما يفرض الحذر في التعامل مع ملف العقار المخصّص للاستثمار الصناعي بحيث ينبغي السهر على توّخي النجاعة والعقلانية والانسجام مع الخصوصيات الجغرافية والاقتصادية المحلية، مثل اعتماد خيار إحداث مناطق ذات طابع جهوي تجمع عددا من الولايات وتكون ملائمة للطابع الاقتصادي المحلي وأكثر من هذا ضرورة السهر على إقامة المناطق بالقرب من المنشآت القاعدية للنقل كالطرق والسكك الحديدية التي تربط مباشرة بالمنافذ التجارية كالموانئ، قصد إدراجها في مسار التصدير. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024