إنهيـار أداء الدبلوماسية المغربية

جمال أوكيلي
04 ماي 2018

مهما كانت السيناريوهات السياسية الوهمية التي يفبركها المغرب حاليا للهروب إلى الأمام والقفز في المجهول، لا تعفيه أبدا من الإلتزام بتطبيق ماورد في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2414، الداعي إلى إجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين المتنازعين المغرب وجبهة البوليزاريو.
كل هذه الضجة المفتعلة الحالية، التي اختلقها المغرب، ويسير أطوارها بهيستيريا، وجنون لا مثيل لهما، يراد منها التنصّل من تعهدات الشرعية الدولية المطالبة إياه بالجلوس إلى طاولة المشاورات مع الصحراويين ولا يوجد تفسير آخر ماعدا هذه الحقيقة الساطعة، التي يبحث هذا البلد على طمسها بكل الوسائل المتاحة حتى وإن تطلب الأمر الذهاب إلى ممارسات دنيئة جدا، مثلما ابتدعها اليوم في مسرحية صنع مشاهدها بممثلين رديئين أساءوا  كيفية طرحها داخليا وخارجيا.
إنهيار أداء الدبلوماسية المغربية خلال الآونة الأخيرة وتراجعها بشكل غريب وسقوطها على أكثر من موقع، في الترويج لطروحات أكل عليها الدهر وشرب والمتعلقة بالقضية الصحراوية العادلة، حتّم عليها الخروج من حصار الإجماع الدولي، وهذا باعتماد ذهنية «شيطنة الآخر» وتقديمه في صورة غير التي يسوّقها في الوقت الراهن.
من أعّدوا هذه المهزلة التافهة، إختلطت عليهم الأمور إلى درجة لا يمكن تصوّرها، كلامهم متناقض، لا يعون ما يقولون ولا يدركون حجم الاتهامات التي تطال الآخر عندما يذكرون أشياء لا يتقبلها المنطق السياسي، المعمول به في العلاقات الدولية، وبين البلدان، وهكذا ينطبق على هؤلاء القول المأثور إذا لم تستح «فاصنع ماشئت» إننا حقا أمام هذا الوصف اللائق على هؤلاء الساسة المراهقين.
كل الأبواب اليوم مغلقة في وجه المغرب وكل أوراقه استنزفت، رهانه على الإتحاد الأوروبي ذهب أدراج الرياح، إنكشاف أمره لدى القادة الأفارقة، بأن شغله الشاغل مصالحه الضيقة التي لا تتعدى محاولة إلحاق الضرر بالصحراويين، فشله الذريع في توجيه الاجتماعات الكبرى الوجهة التي يريدها، وعدم قدرته على المضي في فرض مناوراته المعتاد عليها سابقا، بعد أن تفطن الجميع لألاعبيه.
ما يقوله اليوم المغرب لا أساس له من الصحة وهو حزمة من الأكاذيب تندرج في إطار مؤامرة محبوكة بدقة أطرافها وقعوا في الفخ المعّد لهم، عندما سارعوا وفي وقت قياسي إلى ـ للأسف ـ ما أسموه بالتضامن مع وهم «الوحدة الترابية» لهذا البلد، ماهذا الموقف غير العقلاني تجاه «قوة محتلة» للصحراء الغربية تطالبها الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي بالانسحاب الفوري من تلك الأراضي يوميا؟.
جبهة «البوليساريو» هي حركة تحرير وطنية قادرة على استرجاع أراضيها المحتلة، ولا تحتاج مساعدة أحد في هذا الأمر، يرأسها قادة أحرار غيورين على بلدهم، قاوموا الإحتلال المغربي بكل بسالة ومازالوا على هذا الدرب سائرين إلى غاية استعادة وطنهم الغالي وهذا بفضل طلائعهم الأشاوس الموجودين في الميدان.
وعلى المغرب أن يدرك جيدا بأنه هو من ترجى العالم في بداية التسعينيات بوقف إطلاق النار وإلتزم مقابل ذلك بتنظيم الإستفتاء، غير أنه دخل في مسار سياسة ربح الوقت، وهذا بعد أن تلقت قواته ضربات موجعة في الميدان، زيادة على الآلاف من الأسرى، الذين أصبحوا يسلمون أنفسهم نكاية في نظام المخزن الذي ورطهم في حرب لا ناقة ولا جمل لهم فيها زيادة على إلحاق أضرار كبيرة في جدار العار.
كيف نسوا  كل هذا اليوم؟ وأبدعوا في خلق كل هذه المهزلة، لا أحد في هذا العالم يعرف معنى حرب العصابات مثل الصحراويين ولا يحتاجون من يدلهم على حفر الخنادق والأنفاق، بل كانت معاركهم مفتوحة مباشرة لا يختفون أبدا تحت الأرض لأن قضيتهم عادلة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024