تعود جذور حرية التعبير والصحافة في الجزائر إلى مرحلة مواجهة الاحتلال الأجنبي فكانت الكلمة الوطنية في صدارة مسار الكفاح من اجل استرجاع الحرية والسيادة، وبعد أن واكبت الصحافة في ظل الاستقلال كافة مراحل البناء والتشييد انسجاما مع التوجهات الوطنية لإعادة بعث المجتمع مجددا وتخليصه من مخلفات حقبة استعمارية بغيضة نالت من الإنسان، سجلت صفحات مضيئة خلال العشرية السوداء فدفعت المهنة ثمنا باهظا.
ويرصد رئيس الجمهورية في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للصحافة كافة جوانب الإعلام ورسم تطلعاته ضمن الخيارات التي يكرسها الدستور وأبرزها حرية التعبير بالمفهوم الايجابي بحيث تكون الكلمة والصورة والمقال بالمرصاد في مواجهة كل ما يتهدد الجزائر أو يستهدف شعبها، لقد تحققت مكاسب لها ثقلها وهي ماثلة اليوم في المشهد الإعلامي وقد تعززت في السنوات الأخيرة بإدراج حرية الصحافة بشكل جلي في الدستور إلى جانب إلغاء عقوبة الحبس بعد إسقاط تجريم العمل الصحفي.
وتلوح أخرى في الأفق بفضل تزود البلاد بالقمر الصناعي للاتصالات «ألكوم سات 1» الذي يرتقب أن يدخل الخدمة في منتصف السنة الجارية ليدعم البنية التحية الفضائية للإعلام فترتقي الصحافة الجزائرية في مناخ أكثر ايجابية مما يضع الصحافة الوطنية بكافة أنواعها وتوجهاتها في موقع أكثر قوة بحيث تملأ عن طريق النشاط الدؤوب والحضور المستمر الساحة الوطنية والمحلية وتتصدى للهجمات الخارجية.
بالتأكيد ما تزال جوانب عديدة تحتاج إلى معالجة هادئة وفعالة قصد تحسينها أو توفيرها غير أن المهمة الملقاة على عاتق الصحافة الوطنية اليوم خاصة في هذا الظرف الإقليمي والدولي الذي يحمل تهديدات ينبغي الانتباه لمخاطرها ورصد تداعياتها بالتصدي لكل ما يشكل خطرا من خلال حمل الرسالة الوطنية بنفس تلك العزيمة التي تميز بها جيل نوفمبر، والحرص على أعلى قدر من الاحترافية من حيث إثارة النقاش والتحكم في إدارته محليا ووطنيا مع الالتفاف بقوة حول الدفاع عن المصلحة الوطنية وحماية صورة الجزائر تجاه الخارج بالتصدي لكل ما يشكل إساءة أو تشويشا أو مغالطة حتى تقوض المخططات التي تحاك وتسد منافذ الفتنة والإحباط.
ولعل أفضل تعبير بالتمسك بحرية التعبير أن تحرص الصحافة بكل ألوانها على تحصين المشهد الإعلامي من أي انزلاق يسيء لها بحيث يكون الوفاء لتضحيات رواد الصحافة الوطنية منذ الحركة الوطنية التي مهدت المناخ بالتوعية والتنوير لكسر شوكة المحتل بترقية الأداء دون تقليص أو تردد في اليقظة والتنبيه والكشف عن النقائص بما يقوي من اللّحمة الوطنية في النهوض أكثر فأكثر بالبلاد والوقوف جدارا منيعا أمام أي خطر يستهدف الوحدة الوطنية بمفهومها النوفمبري.