حقّقت الأمازيغية العديد من المكاسب على أكثر من صعيد، أبرزها التمتع بالطابع الدستوري كلغة وطنية ورسمية، مما يضعها إلى جانب اللّغة العربية والدين الإسلامي على المسار الصحيح، في إطار تعزيز انسجام الوحدة الوطنية وترسيخ الهوية الجزائرية. يندرج التوجه الوطني للنهوض باللّغة الأمازيغية ضمن الديناميكية التي يواكبها المجتمع في سياق التطلع المتواصل لبلوغ أعلى درجة من الرقي والازدهار والرفاهية من خلال مشاركة المجموعة الوطنية بكافة مكوناتها في معركة النهوض بالجزائر وسط عالم يتميز بتغيرات سريعة لا يمكن استيعابها سوى بمعالجة مسائل لطالما شكلت مادة في برامج أوساط أجنبية تعرف بمعاداتها التاريخية للجزائر.
الإجراءات الهادئة والمتبصرة التي سطرتها الدولة الجزائرية في مختلف المراحل وفرت المناخ الايجابي لتجاوز وضعيات عانت من تداعيات نقص التواصل وترسبات تصنف في خانة التوظيف المغرض خلال الحقبة الاستعمارية، ولعل سجل الأكاديمية البربرية الدليل على ذلك، الأمر الذي تفطن له مبكرا المجتمع الجزائري. وينبغي الإشارة هنا إلى المساهمة الايجابية لقوى حزبية وسياسية وشخصيات وطنية في تأطير المسار الوطني للنهوض بالأمازيغية إدراكا لمدى البعد الوطني الذي تتميز به مما يستوجب الحرص على ترقيتها وفقا لمنهج علمي يخضع لمعايير بيداغوجية تضمن حمايتها مثلما تقوم به المحافظة السامية للأمازيغية وفقا لمقاربة وطنية هادئة ومتدرجة.
لقد أثمر هذا التوجه إنجاز جملة من الأهداف التي تعكس الإرادة الوطنية القوية في جعل اللغة الأمازيغية رافدا من روافد البناء الوطني وهو ما يتجسد يوميا في مختلف الفضاءات المختلفة في المجتمع مثل المدرسة والإعلام والمرافق الإدارية ذات التعامل المباشر مع المواطنين، حيث يسجل تطور نوعي في قراءة المشهد الجديد لما يقدمه من إضافة جديرة بالاهتمام والتنويه، خاصة وأن هناك مؤشر بناء يعكسه الإقبال الطبيعي والفعّال على هذه اللغة.
ويتأكد هذا يوميا بانخراط المؤسسات والهيئات والجمعيات في هذا المسعى الوطني وتجسيد القناعة الراسخة في الحياة اليومية في انتظار ما تجود به أكاديمية اللغة الأمازيغية التي أقرها رئيس الجمهورية من أدوات وآليات ومناهج علمية وتقنية تساعد على إعطاء مزيد من الدفع لموقع اللّغة الأمازيغية كقاسم مشترك للشعب الجزائري مع كل ما يقدمه الخبراء في مجال تعليمية اللغة التي لم تكن أبدا مشكلة لدى آبائنا وأجدادنا الذين يقدمون للأجيال صورة رائعة في الانسجام والتناغم الاجتماعي والثقافي والتطلعات.
