كلما تظهر بوادر لبعث المفاوضات المتوقفة بين جبهة و البوليساريو و المغرب لتسوية القضية الصحراوية تبدأ الرباط في نسج السيناريوهات وتلفيق التهم للجزائر من خلال رميها كالعادة بتهم قديمة جديدة لتحويل أنظار الشارع المغربي الذي يعيش على وقع غليان اجتماعي و احتجاجات يومية ولم تعد مثل هذه المغالطات تنطلي عليه.
الكل يعلم أن الأراضي الصحراوية مدرجة منذ بداية الستينات ضمن الأقاليم المعنية بتصفية الاستعمار وفق آلية استفتاء تقرير المصير و المملكة المغربية نفسها وقعت على اتفاق وقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو سنة 1991 تطبيقا للمسار الإفريقي - الأممي الذي تمخض عنه إنشاء بعثة الأمم المتحدة لإجراء استفتاء تقرير المصير في الأراضي الصحراوية المحتلة “مينورسو” فكيف للرباط أن تتنكر لهذه الالتزامات و تطالب بإجراء مفاوضات مع الجزائر حول قضية حسم أمرها أمميا و افريقيا؟ !
الرباط و أطراف أخرى تنتهج سياسة الهروب الى الامام و هي تريد تغييب الشعب الصحراوي من تسوية تعنيه وحده و الا كيف نفسر وجهة نظر الوزير الأول الفرنسي الأسبق دوفليبان لحل النزاع في الصحراء الغربية ، خلال المحاضرة التي ألقاها الأسبوع الماضي بالمدرسة الجزائرية للأعمال بدعوة من السفير الفرنسي غسافيي دراينكورت عندما قال أنه يجب إنشاء قطبين للمفاوضات حول الصحراء الغربية الأول يضم فرنسا و اسبانيا و الثاني يضم الجزائر و المغرب ؟ لأن النزاع لم يعد يحتمل الـتأخير أكثر في حين أنه يعلم جيدا أن بلاده هي من عرقلت و لا تزال أي حل للنزاع من خلال دعمها للتمرد المغربي على الشرعية الدولة و قرارات الأمم المتحدة و دعم أطروحاته التي تتنافى مع الاثنين ؟ ! ثم هل نسي السيد دوفيلبان أن فرنسا الاستعمارية كانت ترفض اي تدخل في القضية الجزائرية وفق مغالطة انها شأن داخلي فكيف له أن يدعو اليوم دولا أخرى لأخذ مكان الشعب الصحراوي و تقرير مصيره بدلا منه ؟ !
ان الحملة الرسمية و الإعلامية التي تشنها الجارة الغربية على الجزائر تتنافى تماما مع ما يربط الشعبين من تاريخ نضالي مشترك و تطلعهما إلى بناء الصرح المغاربي و هو الخيار الذي تتمسك به الجزائر بشدة و لم تعتبره يوما مشروعا منتهي الصلاحية ولم تبحث عن فضاءات بديلة على حساب شعوب المنطقة لا في الخليج و لا في غرب إفريقيا، هي تلتزم كذلك بواجب التضامن مع الشعب الصحراوي في حقه في الاستقلال و الحرية لأن التجربة القاسية مع الاستعمار الفرنسي علمتنا معنى الحرية و الاستقلال. هذا لا يفسد للجوار ولا للأخوة قضية و الدليل أن الجزائر سارعت إلى دعم ملف ترشح المغرب لاحتضان نهائيات كأس العالم كعربون أخوة و محبة من الشعب الجزائري إلى شقيقه المغربي.