ما ورد على لسان المدير العام للهيئة الجزائرية للاعتماد السيد ن ـ بوديسة بأننا نستهلك البعض من المواد لاتخضع للمراقبة، يدعونا مليا الى التأمل العميق فيما قاله مسؤول على دراية بالقطاع التقني الذي يشرف عليه في جانب الصرامة في عدم ترك أي مواد تصل الى السوق الجزائرية دون أن تكون قد حصلت على كل مايلزم من اجراءات الترخيص من كافة الجوانب.
وإن مرّ هذا الكلام مرور الكرام إلا أنه يعتبر دق ناقوس الحذر بالنسبة للجهات القائمة على هذا النشاط وهذا لايعني بأن تلك المواد لم تراقب جمركيا ليس الأمر كذلك وانما الرسالة التي يستدعي الأمر فهمها هي أننا لانحوز على المخابر المخول لها بأن تكون يقظة في هذا المجال أي استقبالها لكل ما يستهلك لابداء الرأي النهائي حتى توضع في الرفوف ويسمح فيما بعد باستهلاكها.
لا نستغرب اليوم من النداءات الصادرة عن الأطباء الذين يرجعون تفشي البعض من الأمراض الخطيرة ومنها بالأخص السرطان الى نظام التغذية أو الأكل الحالي المشكلة تركيبته من عناصر كيمياوية كعلب المصبّرات والحفظ الطويل والتفاعلات الأخرى الناجمة عن الدمج لم نتعود عليه عندنا، وكله يأتي من وراء البحر.
وعليه، فإن ما تتحدث عنه الهيئة الجزائرية للاعتماد هو المطالبة بإقامة مخابر على مستوى كل المرافئ قصد التسديد في تحليل كل مايصل الى تلك المخازن، وهذا لايعطل أبدا تدابير سحب البضاعة أوتراكم الغرامات عليها جراء مكوثها لأيام أخرى هناك ، بل الأمر يتعلق بحماية صحة الجزائريين من أمراض فتاكة ناجمة عن الأكل.
ولابد من الاشارة هنا بأن الاستهلاك لا يعني المواد الغذائية فقط قد تكون أشياء أخرى يستعملها الناس في حياتهم الخاصة يلاحظ وجودها في المحلات والمساحات والمراكز التجارية بكثرة قد تكون مضرة صحيا دون أن يدرك صاحبها ذلك، معتقدا بأنها «علامة» أي « ماركة» حرة أصلية وهذا غير صحيح بتاتا مادام لم تفصل فيها الهيئة الجزائرية للاعتماد، وفي مقابل ذلك لم تمنحها رخصة الإذن بخصوص طبيعة المنتوج، هل هو صالح أو غير صالح أما القرار النهائي فيعود الى المصالح الأخرى المكلفة لمنع دخوله الى أسواقنا.
لذلك آن الآوان كي نولي الآذان الصاغية لتلك الهيئة الجزائرية للاعتماد التي حقا أصبحت لها سمعة عالمية ومنافسة لأكبر المؤسسات الدولية العاملة في هذا الاختصاص كان أخرها السنة الماضية، عندما اعترف رسميا بنشاطها.
بالتوازي مع ذلك فإن وزارة التجارة في حيويتها الجديدة برئاسة سعيد جلاب ستكون طرفا فاعلا مرافقا للهيئة في غضون المواعيد القادمة ادراكا منها للسياسة المتبعة في هذا الشأن من قبل السلطات العمومية في النسق الخاص بين مفهومي التجارة والصحة وبالأخص عبر الموانئ التي تستدعي تزويدها بمخابر كون عين هذا القطاع في مراقبة المواد المستوردة، وهذا حتى لا تبقى نداءات الهيئة مجرد صيحة في وادٍ لا أحد يسمعها أو يأخذ بانشغالاتها أويلبي مطالبها فلابد أن نعي جيدا تحديات هذه المرحلة وبالتحديد العمل القائم على اعادة تنظيم التجارة الخارجية، الذي شرع فيه مؤخرا وفق القوائم المنشودة.
وعليه فإن المستوى الذي بلغه الاقتصاد الجزائري لابد وأن يكون مزوّدا بآليات مراقبة فعالة تخدم صحة المواطن وكذلك الاندماج في المنظومة العالمية المطالبة بتوفير مثل تلك الهيئة الجزائرية للاعتماد وماعلينا إلا بتشجيعها على العمل وأداء مهامها مهنيا.