من مولود معمري إلى يوسف شقرة مرورا بأبي القاسم خمار، رشيد بوجدرة وعز الدين ميهوبي، تكون قد مرت 55 سنة على تأسيس اتحاد الكتاب الجزائريين بالضبط يوم 28 أكتوبر سنة 1963 من طرف مجموعة من الكتاب والمبدعين كأول مظلة جامعة لرواد الكلمة والقلم وهي الفترة التي تميزت بظروف خاصة غداة الاستقلال وما تمخضّ عنها من صراعات سياسية امتدت ردتها إلى المجال الثقافي بأبعاد لغوية وإيديولوجية بين جناحين متصارعين كانت نتيجة منطقية لمخلفات الوجود الاستعماري وسياسته التمييزية بين مكونات الشعب الجزائري ونخبه الفكرية، ورغم كل هذه الخطوط المتوازية في الاتجاهات والقناعات، إلا أن الوعي السياسي الكبير لرموز الطبقة المثقفة ورجالات الأدب لتلك الفترة المقتنعة بضرورة التأسيس لثقافة جزائرية أصيلة وموحدة بثرائها اللغوي قد ساهم في تغليب المصلحة العليا والاتجاه نحو بناء مرحلة جديدة في مسيرة الثقافة الوطنية ومحاولة التموقع في مختلف الأطر والهيئات الفكرية العربية والدولية على غرار الإتحاد العام للكتاب والأدباء العرب والأفارقة وتمثيل الجزائر في المحافل الأدبية والفكرية العالمية.
وقد مهّد هذا المحفل الفكري الوطني الأرضية الصلبة لبروز عدد من الفعاليات الثقافية الأخرى والجمعيات الناشطة في الميدان الأدبي على غرار الجاحظية وأزدهرت معها الساحة الإبداعية الجزائرية ومجال النشر بظهور عدة نشريات ومجلات تعنى بالفعل الثقافي، كما لعبت جريدة «الشعب» من خلالها فضائها الثقافي وملحقها الأدبي الأسبوعي في مسايرة واحتضان هذه الحركية التي استمرت لعقود حتى مطلع التسعينيات دخل الاتحاد مرحلة جديدة تحت تأثير التوجهات السياسية لعهد التعددية، مما انعكس سلبا على نشاطه وهياكله ليدخل فيما يعرف أزمة شرعية عميقة أخذت أروقة المحاكم بين التيارات المتصارعة وصلت حدّ تشميع المقر لعدة سنوات بأمر قضائي وتعليق الأنشطة، ورغم محاولات الرئيس الحالي يوسف شقرة لم شمل عائلة الاتحاد وتقريب وجهات النظر بين الخصوم وفتح الباب للجميع من أجل التعبير الحرّ وتقديم المقترحات لترميم الشرخ وقيادة السفينة بأمان حتى انعقاد المؤتمر العادي لاختيار قيادة جديدة نهاية السنة، إلا أن مرض التعفن السياسي وصراع الأجنحة والتيارات يبدوا أنه قد استشرى في هذا الجسم المتهالك وتفضيل البعض لعبة الكولسة وسياسة «التخلاط» والتأليب بضرورة الذهاب إلى مؤتمر استثنائي جامع قد أعاد أزمة اتحاد الكتاب إلى نقطة البداية، وبالتالي لم تعد اليوم المسألة داخلية تخصّ الأعضاء والمنتسبين بعدما انتفض الرئيس غاضبا مطلقا النار على عدة أطراف منها المحركة لعرائس القراقوز والواقفين وراء تعليق الدعم المالي إلى الباحثين عن استغلال هذا التنظيم لنزوات شخصية وأجندات محددة مع محاولة تذكير الجميع أن اتحاد الكتاب عبارة عن جمعية تنشط بطريقة ديمقراطية في إطار قانون الجمعيات لخدمة الإبداع بعيدا عن كل الوصايات..