أحدثت سلسلة القرارات التاريخة الواردة في رسالة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى رؤساء المجالس الشعبية البلدية بمناسبة الذكرى الـ ٥١ لتأسيس هذه الأخيرة، إرتياحا نفسيا لدى المنتخبين في أداء مهامهم مستقبلا على ضوء كل هذا الدعم المعنوي الذي لقوه خلال هذا الموعد.
وهكذا توّج كل هذا المسار منذ ١٨ جانفي ١٩٦٧، بتثمين غير مسبوق إثر إعلان ترسيم اليوم الوطني للبلدية وتنظيم الجلسات الدورية لتقييم الالتزامات المتعلقة بإنجازات التنمية المحلية، بالإضافة إلى فتح المبادرة والقضاء على البيروقراطية وتفضيل مبدأ اللامركزية.
هذه القرارات الهادفة، ما هي إلا ترجمة لحرص السلطات العمومية على إدارج البلدية ضمن أولويات في البرامج الوطنية الرامية إلى ترقية الفعل الاقتصادي والاجتماعي، تكون فيه المجالس البلدية محورا لأي انطلاقة في الأفق القادمة، بناءً على رؤية واضحة، مضبوطة في الزمان والمكان. إذ لم تعد اليوم البلدية عبارة عن شبابيك لاستخراج وثائق الحالة المدنية فقط بل ينظر إليها على أنها حاملة لتلك المبادئ الإنسانية السامية، القائمة على روح التضامن بين أبناء الشعب الواحد، ونقصد هنا كل من يقطن ذلك الإقليم المحدّد الذي لا يرى أي جهة قادرة على حمايته ماعدا بلديته، خاصة ما تعلّق بظروفه الاجتماعية.
هذه الصفة لصيقة بالبلدية الجزائرية ولا يمكن أبدا تجريدها من ذلك مهما كان التغيير الذي يحدث في النصوص التنظيمية وقوتها تكمن في هذا الالتفات الشعبي حولها.
وهكذا، فإن المنطق لا يطلب من البلدية أكثر من حجمها أو بالأحرى الصلاحيات المخوّلة لها ولابد من التأكيد بأنها ليست الولاية ولا الدائرة بل أنها تبقى مجلسا منتخبا عهدته محدّدة بـ ٥ سنوات يتداول على رئاسته كل من تمنح ثقة تسييره مثلما كان الحال يوم ٢٣ نوفمبر المنصرم.
وبذلك الدعم يتغزّز موقع البلدية أكثر من أي وقت مضى، وما على مواردها البشرية إلا البحث عن أفضل الصيغ لتعميق التواصل مع المواطنين.
وفي حديثنا مع مسؤولين لهم دراية بالشأن المحلي أكّدوا لنا ضرورة العودة إلى ما يعرف بلجنة الحي «الكوفيل» الذي هو عبارة عن فضاء للحوار بين المنتخبين والجمعيات ولجان الأحياء بحضور المؤسسات العمومية الولائية.
وخلال النقاش المستفيض يلتزم الجميع بإيجاد الحلول الفورية للقضايا المطروحة كالإنارة العمومية، الطرق، النظافة، الحظائر وغيرها، وقد أعطت نتائج مثمرة وبنّاءة لكنها اختفت فيما بعد، لذلك يطالب هؤلاء بإحيائها في هذا الظرف كونها الإطار الذي يلتقي فيه الجميع مهما كانت إنتماءاتهم، خاصة مع المحاولات الرامية إلى التفكير في خيارات أخرى كالمجلس الجواري الذي يضم مواطني البلدية، كما أنّ هناك تجارب ثانية في مناطق أخرى وردت في البرامج الانتخابية الأخيرة.