يبقى تاريخ 18 جانفي 2018 راسخا في أذهان كل الشّركاء المحليّين إثر القرارات الجديدة المتّخذة من قبل السّلطات العمومية، والرّامية إلى ترقية مفهوم المجلس الشّعبي البلدي، في خضم كل هذه التّحوّلات العميقة ذات الأبعاد القائمة على جعل هذا الفضاء المنطلق لأي مسعى تنموي.
وتبعا لذلك، فإنّ هذا الانشغال الملح والقاضي بالانتقال إلى وضع أكثر قبولا في أداء الجماعات المحلية، يؤسّس لمرحلة فريدة وصارمة من حيث إرساء قواعد منظومة تسيير متكاملة ومميّزة في ديمومتها، آخذا بعين الاعتبار كل ما تمّ الإعلان عنه بهذه المناسبة، بعد ٥١ سنة من صدور قانون البلدية في ١٨ جانفي ١٩٦٧.
وسلسلة هذه القرارات التّاريخية تندرج في إطار تقوية عمل المؤسّسات المنتخبة، ومنحها الصّفتين الاقتصادية والاجتماعية التي تستحقّها في كل هذا الفضاء الخاص بالنّسيج العام لنشاطها لتكون حلقة من الحلقات المتينة في تحريك ملفّات التّنمية المحلية.
ولأوّل وهلة يستشف بأنّ هناك تكفّلا تامّا ومتابعة عن كثب وشعورا عميقا بأهمية البلدية انطلاقا من قدرتها على التّواصل مع السّاكنة من أجل الاستماع لمشاكلها حفاظا على الاستقرار، وهذا بإخراج المجلس الشّعبي من تلك الدّائرة الضيّقة ودمجه في حركية أخرى، ولا يتسنّى ذلك إلاّ من خلال التمعن بدقّة في محتوى تلك القرارات.
* أوّلا: الإعلان الرّسمي عن اليوم الوطني للبلدية المصادف لـ ١٨ جانفي من كل سنة، ليدخل ضمن رزنامة الأيام الوطنية، وهذا مؤشّر كفيل بأن يصنّف مؤسّسة البلدية ضمن أولويات السّلطات العمومية في مسار التّنمية الشّاملة.
* ثانيا: تنظيم جلسات تقييم أداء البلديات في أقرب وقت تكون على أقصى تقدير في غضون شهر جوان أي خلال فترة ٦ أشهر، وسيشرع في إشعار الجهات المعنية بهذا العمل، قصد إيجاء الصّيغة ومنهجية العمل المتّبعة، وقد تكون المهمّة صعبة على المنتخبين الجدد، الذين ليس لهم تجربة في التّسيير في إعداد حصيلتهم في المدّة المحدّدة لهم.
وهذه المبادرة المعلن عنها ما هي إلاّ استجابة لكل من كان يطالب بمحاسبة الأميار قبل انتهاء عهدتهم، لمعرفة ما أنجزوه خلال تولّيهم هذه المسؤولية.
* ثالثا: القضاء على البيروقراطية أي دعوة الإدارة المحلية إلى إزالة كل مظاهر التّعطيل التي ما تزال تؤثّر على الأداء لا تتعلّق هنا باستخراج وثائق الحالة المدنية كونها عرفت نقلة نوعية مع الرّقمنة، وإنما هذه إشارة إلى مواقع أخرى تكبح جماح أي مسعى فيما يتعلّق بالرّفاه المحلّي كالمشاريع الجوارية التي لها صلة مباشرة بالمواطن.
* رابعا: عصرنة المرفق العام، بمعنى الاندماج في مسار التحوّلات المتوجّهة إلى التّغيير الجذري في أساليب العمل لبلوغ مستوى الفعالية، وإضفاء الشّفافية على اتّخاذ القرار التّنموي. ولابد في هذا الشّأن من التّصنيف المطلوب بين البلديات المقدّر عددها بـ ١٥٤١ (الحضرية والنّائية)، هذا ما يسمح بتوفّر نظرة متكاملة عن واقع هذه المؤسّسات القاعدية.
* التوازن المالي: وهو المحور الذي سيكون محل أولوية المجالس الشّعبية البلدية بالتّنسيق مع الوصاية وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتّهيئة العمرانية من أجل وضع أرضية لتثمين الأملاك لضمان حد أدنى من المداخيل لتفادي أي عجز. ولابد من القول هنا بأنّ مصالح هذه البلديات تحتاج إلى كفاءات للقيام بذلك، والواقع غير ذلك في بعض المناطق.
ولا يتأّى كل ما ذكرنا سابقا، إلاّ بفضل مراجعة قانون البلدية في أقرب وقت لمسايرة كل هذه المسائل المطروحة، وهذا ما يسعى إليه الجميع اليوم، وهذا بإدراج فيه نقاط جديدة، منها اليوم الوطني، وجلسات التّقييم والعصرنة وغيرها من القضايا الهامّة الواردة في رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة الذّكرى ٥١ لتأسيس البلدية الجزائرية.