لا يزال المشهد الثقافي خارج المدينة واقصد العاصمة والمدن الكبرى ، بمفهوم اوسع «المركز» يصنع الفعل الابداعي والجمالي والفني ، بخطى وثيقة يضع مشروعه لبنة.. لبنة وبطريقة بسيطة غير مكلفة ، ينتفض ضد ثقافة النسيان والجمود ، يؤسس لأفراحه المؤجلة ولفعاليات يخلدها تحت بصمة «الهامش » ، وتبقى شاهدة على ابداعات تتحدى الجغرافيا ، لكنها في تواصل دائم مع الجمهور المحلي ، الرفيق الدائم والعملة التي لم تستطع المسافات ان تغيره او تحجبه عن رؤية ومتابعة هذه الابداعات المتنوعة .
ما ان تخطو الخطى الثابتة فانك حتما تقف على فسيفساء البهاء والتنوع والاختلاف ، اما التنوع فهناك المسرح والأدب والفن التشكيلي والندوات والاماسي الشعرية المرفقة بآلات العود تراقص القصائد الشعرية وتجعل منها رسائل محبة وسلام ، ويظل اصحاب الفعاليات اوفياء لمبادئهم رغم التجاهل الذي ظلوا لسنوات طويلة يعانون منه ، فأنهم في الاخير يمثلون حاضر الوطن ومستقبله ، ليسوا في حاجة الى التفاتة مزيفة ولا الى وعود مرهونة بمناسبة ، تتلاشى فور انتهاء تلك الانشطة . ولا إلى اضواء كاشفة ، لان الابداع في نظرهم ، هو ذلك التجاوز للراهن ، والمضي قدما نحو تفاصيل جديدة للمشهد الثقافي .
ابناء الهامش العميق لازالوا يصنعون التميز والاستثناء في تعاملهم مع الاخر ، ومن خلال ابداعاتهم المختلفة ، يمارسون حقهم الثقافي ابداعيا ، كما عودوا انفسهم بالأمس ، لاهم في حاجة الى كاميرات ولا الى شهادات تملأ جدران بيوتهم لان حبهم في الاخير، هو ايمانهم بالفعل الذي يصنع منهم الاستثناء بعيدا عن الابتذال والتكلف.
الوسائط الرقمية هي الاخرى حاولت بقدر كبير نقل كل الفعاليات والأنشطة المقامة في جزائر نا العميقة ، وبفضلها استوت القوارب على الجودي، وليس هناك من زاوية إلا.. ولجوها مدافعين عن حضورهم الانساني والإبداعي ، يدركهم العام والخاص، القريب والبعيد ،وهي بذلك تمنحهم تأشيرة الولوج الى الضفة الاخرى من ثنايا الاسئلة.
وسيظل هذا الديكور يصنع نفسه عبر جزائرنا العميقة، الى ان تتحول نظرية الهامش والمركز الى حدود التعايش السلمي ليذوب الجليد القابع على ارضية الحوار منذ زمن ولى، بعيدا عن اي صراعات خرافية.