تنتظر المنتخبين الجدد مواعيد حاسمة خلال السنة القادمة، وهذا مباشرة عقب اطّلاعهم على الملفّات المتعلّقة بالتّنمية المحلية، ومعرفة دقيقة للتّركيبة البشرية لمصالح مجالسهم المكلّفة بالسّهر على مرافقة المواطنين في الاستجابة لانشغالاتهم الملحّة من أجل تسوية حالات معيّنة هي محل طرح دائم.
وعليه، فإنّ لحظات نشوة الانتصار ما هي إلاّ سحابة عابرة، ليجد هؤلاء أنفسهم مع حقائق الواقع اليومي المعروف بتحدياته، وهنا يقيس كل مسؤول محلي منحت له الثّقة لتسيير شؤون الناس ما مدى توافق برنامجه مع معطيات الميدان، كي ينطلق في مسار حيوي من العمل استنادا إلى كل ما وعد به سكان بلديته.
وفي هذا الشّأن، فإنّ عيون هذا المواطن مشرئبّة إلى هذا الوافد على بلديتهم، متسائلين عن أول خطوة يفتتح بها عهدته الفتية، للحكم على مدى معرفته بشؤون العامة، وقدرته في إدارة مطالب هؤلاء. نقول هذا الكلام من باب أنّ المهمّة ليست سهلة بالنسبة لهذا المنتخب مهما كانت عبقريته إن لم يرس قواعد عمل مهنية، بعيدة كل البعد عن الممارسات التي لا تخدم الهدف المنشود، وترك كل التّوازنات جانبا لأنّ الظّرف يتطلّب منه البحث عن المهارات القادرة على تقديم الإضافة.
ولا ينبغي هنا إدخال حسابات سياسوية ذات الأبعاد المجاملاتية لأنّها ستعطّل أي انطلاقة، ونقصد هنا ما تعلّق بتوزيع المهام (تنصيب رؤساء اللّجان ونواب الرّئيس).
وقد أثبتت التّجربة أنّ كل من سار على هذا الدّرب تعقّدت عليه الأمور، وانعكس ذلك صراحة على الآداء في تسيير الشّأن العام، واستمرّت العديد من المجالس على منوال الانسداد نظرا لاستفادة البعض من مسؤوليات لا يستحقّونها أبدا عادت بالسّلب على الجميع.
وهذه الحالات التي عاشها أغلب المنتخبين نأمل أن لا تتكرّر أبدا خدمة للصّالح العام، والسّير الحسن لهذه المجالس والشّغل الشاغل يجب أن يكون منصبّا على الأولويات المسطّرة في البرنامج المعد لهذا الغرض، وليس الوقوع في تلك المطبّات المثبطة للعزائم، خاصة المجالس التي لها تجربة في هذا الإطار، واعتادت على ذلك من قبل، وأوصلتها كل تلك التّصرّفات إلى وقائع معقّدة أحيانا.
لذلك لا يجب أن يتنصّل المنتخب عن برنامجه الذي روّج له خلال حملته، وإلاّ سيفقد مصداقيته لدى من صوّتوا عليه، حتى أولئك الذين غيّروا ألوانهم بانضمامهم إلى تشكيلات أخرى، مطالبين باحترام التزاماتهم تجاه الآخرين، وهذا بالبقاء أوفياء لكل من وقفوا معهم في الأوقات الصّعبة انطلاقا من أنّ برامج تحمل محاور عملية نعتقد أنها لا تتغيّر عندما قرّروا الذّهاب إلى مواقع أخرى، وما عليهم إلا التحلي بنفس ثان وقدرة التحمل بعد الحملة الانتخابية لأنّ الطّريق مازال طويلا والميدان يكشف كل واحد.