التحويلات الإجتماعية في قانون المالية ٢٠١٨، ليس عنوانا مقحما أو توجها شعبويا، كما يحلو للبعض إعتقاده، إنما هو ترجمة ملموسة وقناعة ثابتة لدى السلطات العمومية، في إدراج خيارات حاسمة تنبع من منظومة سياسية متواصلة في الزمان والمكان... تعي جيدا ما مدى الحرص على التكفل بانشغالات المواطنين ذوي الدخل المحدود الذين حقا يستحقون هذه التغطية في كل الظروف.
لابد من الإشارة هنا، إلى أن كل المواثيق الأساسية للثورة الجزائرية بيان أول نوفمبر، أرضية الصومام، ميثاق الجزائر وطرابلس، الميثاق الوطني، الدساتير، لم تخل أبدا من التأكيد على الطابع الإجتماعي للدولة الجزائرية، مهما كانت طبيعة الأزمات الناجمة عن حالات معينة قد تكون داخلية أو خارجية.
وهذا في حد ذاته تحول مع مرور الممارسة السياسية والتراكم النضالي والتجربة الميدانية إلى فكر إيديولوجي قائم بذاته لا يستند إلى ما يعرف بالتطرف أو الراديكالية، إنما أصبح راسخا في ذهنية الإنسان الجزائري يستحيل محوه أو نسيانه بل خارطة طريق ونبراس مضيء وصفحات مشرقة.
هذا يعني أن هذا الرصيد له حضور في قوانين ميزانية الدولة الجزائرية بعنوان التحويلات الإجتماعية. للأسف، الكثير من الخبراء والأساتذة والمحللين لم يفهموا هذا البعد الذي أدخل إلى هذه النصوص الهامة المتعلقة بالإقتصاد والمالية.
الأمر هنا يتعلق بالمبدإ الثابت المؤكد لفلسفة إلتزامات الدولة العميقة الضاربة بجذورها في بيان أول نوفمبر، لا يمكننا التنصل من هذا العهد، مهما كان الأمر، لأنه وضع لنا لبنات أسس منطلقات بناء الدولة الوطنية النابعة من الإرادة الشعبية.
والقضية ليست قضية نسب زائدة أو ناقصة، إنما الأمر يتعلق بسياسة اجتماعية للدولة الجزائرية، قد نخطئ في تقديراتنا إن ناقشنا المنطلق بمعنى الأصل، أي مفهوم الدولة الإجتماعية الحاضنة للفئات الأكثر تضررا من التغييرات المرحلية ليضفى عليها طابع الهشاشة فيما بعد.
هكذا، فإن هذا المحور المتعلق بالتحويلات الإجتماعية إنتقل من ١٦ مليار دولار إلی ١٧٫٥ مليار دولار، أي بزيادة ١٫٥ مليار دولارو وقدرت نسبة الزيادة بـ٨٪ للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن، واستحداث آليات لإقامة ذلك التوازن في استفادته من قطاعات أخرى، يأمل دائما أن تكون في الموعد كالسكن الإجتماعي، التغطية الصحية والإطار التعليمي والتعويضات كذلك.
هذه هي رسالة الدولة الجزائرية، شغلها الشاغل هو مواطنوها، أما الدعوات التي تصدر من هنا وهناك فلا تخدم هذا المسعى الصادق أبدا.
فماذا نصحح يا ترى في هذا المسار الإجتماعي المختار بدقة وعناية؟ الكثير يطالب بالبحث عن الناس الذين يحتاجون إلى الدعم، فهل هذا ممكن؟ الجهاز التنفيذي قال في هذا الشأن، إن هناك دراسة معمقة تجري في هذا الإطار، حيث تتطلب وقتا مطولا، تبدأ من البلديات ووفق مقاييس أخرى هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تدخل الدولة يعد أمرا حتميا لا مفر منه، في تقليص فارق الأسعار في الزيت والسكر والمياه وغيرهه...