لم يمر على المثقف والفنان الجزائري وقت عصيب مثل زمن تفشي فيروس كورونا، الذي جمدت بسببه الأنشطة الثقافية وأغلقت المؤسسات الثقافية و أجلت الكثير من الانتاجات الفنية و المسرحية و التليفزيونية و السينمائية و الأدبية ولم يبق من وصال بين الفنان و جمهوره و المثقف و المتلقي سوى اللجوء إلى الرقمنة و مواقع التواصل الاجتماعي.»
و بحلول شهر رمضان وانعدام العمل وجد الكثير من الفنانين و المثقفين أنفسهم في ضائقة معنوية أكثر منها مادية، وهم الذين عهدوا السهرات الفنية والملتقيات والأمسيات الأدبية التي تحتفي بمواهبهم، كما كان تفشي فيروس كورونا السبب في تأجيل أو إلغاء الكثير من المسلسلات الرمضانية ، الأمر الذي غيب الكثير من الوجوه الفنية عن الشاشة الصغيرة، و إن استطاع البعض الإبقاء جسر التواصل قائما بينه و بين متتبعيه افتراضيا ، خاصة الأدباء و الشعراء الذين سارعوا إلى خلق جلسات افتراضيا لقراءة الشعر و القصص القصيرة أو التحدث عن الأدب و أغواره، فقد تعذر على الكثير و بالأخص الفنانين والممثلين البقاء في الواجهة في غياب مسلسلاتهم وإلغاء حفلاتهم الفنية.
وإن كانت التفاتة وزارة الثقافية بتقديم المساعدة ماديا للفنانين والمثقفين المتضررين بسبب الأزمة الصحية و إلغاء الفعل الثقافي، عن طريق الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، مبادرة تستحقق الثناء، إلا أن هته الأزمة قد كشفت أكثر عن هشاشة أوضاع المثقف الفنان في بلادنا ، في ظل غياب قانون الفنان، وانعدام هيئة نقابية قوية تدافع عنه و تؤازره في المحن،..
ربما تكون الأوضاع التي نمر بها، سانحة للوزارة الوصية لإعادة النظر في أحول الفنانين والمثقفين، والسهر على تحسين أوضاعها المادية و المعنوية لاسيما و الحديث كثر مند سنوات على ضرورة الاستثمار في الثقافة لما قد تحمله من موارد تصب في الاقتصاد الوطني ... لكن كي تتجسد هذه الروية على أرض الواقع، فالأجدر أن نفكر كيف نستثمر أولا في المثقف باستشراف و ذكاء ، و لا نكتفي بأن نمد له يد العون سوى خلال الأوقات العجاف، أو نتحصر عليه حين يمرض، و نترحم عليه حين توافيه المنية....