كلمة العدد

فرقاء ليبيا لا يتّعظون

فضيلة دفوس
28 أفريل 2020

يبدو أن فرقاء ليبيا لا يكترثون  مطلقا بجائحة كورونا التي أدخلت العالم أجمع في ظلام حالك ، و حوّلت حياته إلى كابوس مفزع ،   فبينما خفت صوت السّلاح  في العديد من مناطق  العالم الملتهبة تحث ضغط الوباء القاتل و  النداءات الداعية الى  وقف الحروب و النزاعات   للتفرّغ لمقاومته، التهبت بالمقابل ساحات الاقتتال في ليبيا  ،و كأن كل طرف هناك  يريد أن يستغل  هذا الظرف الصحي  الطارئ و انشغال المجموعة الدولية  به لمباغتة  غريمه  و تحقيق مكاسب على الارض، ما يجرّ هذه الدولة التي تعيش عدم الاستقرار مند عقد من الزمن الى حافة الهاوية.
هكذا إذن و بينما كان الجميع يعتقد بأن مؤتمر برلين المنعقد بداية العام  وضع الأزمة الليبية على مسار الحلّ ، عادت الجبهات لتشتعل بشكل واسع و متسارع ، فحفتر قرّر أن  يستغل الفرصة ليحقّق النصر الذي عجز عن تحقيقيه خلال سنة كاملة من الهجمات التي يشنّها بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس و بالتالي تتويج نفسه زعيما جديدا لليبيا ، و في المقابل أصرّ فائز السرّاج ، رئيس حكومة الوفاق  المعترف بها دوليا أن يلحق الهزيمة بخصمه ، و هو فعلا حسب ما تظهره مجريات المعارك الدائرة في غرب ليبيا ، يحقّق مكاسب نوعية في مدن استراتيجية منها سبراتة و ترهونة و غريان.
ويتزامن التصعيد العسكري هذا مع الفراغ  المسجّل على مستوى مهمّة المبعوث الأممي المكلّف بالملف الليبي بعد استقالة غسان سلامة  و عدم تعيين خليفة له الى غاية الآن .
فرقاء ليبيا لا تعنيهم على ما يبدو المخاطر الكبيرة التي يحملها وباء كوفيد 19 ولا ما يتكبّده الشعب من ويلات الحرب والمصاعب الإنسانية و الاقتصادية التي تسبّبها، لهذا نتوقّع مزيدا من إراقة الدّماء    في ظلّ تراجع الجهود الدولية و الاقليمية للتوصل الى تسوية سلمية للصراع بسبب الانشغال بمحاربة وباء كورونا و تداعياته الاقتصادية المريعة، كما  نتصوّر أن  يتوسّع الشرخ  لتصبح الوحدة الترابية  لليبيا  مهدّدة بالتّقسيم   ، فيتفتّت الوطن بيد زبانية الحرب و من يقف وراءهم و يدعمهم بالسلاح و المرتزقة .
في الواقع نحن لا نضع نظارة سوداء ، ولا نتعمّد قراءة ما يجري هناك بتشاؤم ،فليبيا دخلت بالفعل  منعطفا صعبا ، الخروج   منه يتطلّب إرادة داخلية  قويّة تقدّم  مصلحة الوطن  و الشعب على مصلحة  من تحرّكهم جهات خارجية كالدمى من وراء السّتار ليذبحوا أرضهم و يمزّقوا وحدتهم ، و يبقى الحلّ في البداية و النهاية سياسي و بيد الليبيين لا غير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024