البحث العلمي في المجال الطبي في الجزائر يتطلب أن يتكيف مع المستجدات الحالية، او بالأحرى الاستثنائية منها بالأخص الحالات المرضية الحاملة للعدوى التي تفتك بالبشر جراء عدم توقع مداها في التفشي في الوسط الانساني بشكل قياسي ومحير في آن واحد وهذا مايحدث في الوقت الراهن مع «كوفيد 19» ولا يوجد فراغ في قطاع البحث العلمي ذي الصلة بالطب إستنادا الى المحاولات الأولية الصادرة عن الجهات المعنية التي ماتزال تجتهد في كيفية ايجاد الاطار القانوني وما يسمى بالمؤسساتي للاحاطة بمسلكية ضبط هذا النشاط الحيوي والتحكم فيه وهو جزء لايتجزأ من المفهوم العام لهذا المسعى في إستكمال حلقاته باتجاه الهدف المنشود.
يتضح هذا التوجه العملي ، في وضع الركائز المادية والبشرية لاستحداث الانطلاقة المرجوة لاحقا بعد مراجعة عميقة للعناوين الخاصة بهذا الميدان منذ الاستقلال الى غاية يومنا هذا ويكفي العودة الى الأرشيف، للاطلاع على أن البحث العلمي في الجزائر بدأت إرهاصاته الأولى مباشرة عقب استعادة السيادة الوطنية.
هذا الرصيد الثمين يجب أن نعمل على ترقيته باتجاه استثمار المنفعة العامة والاجابة عن كل التساؤلات التي تطرحها التنمية الوطنية بكل أبعادهابما فيها البحث العلمي الطبي الذي تعد الجزائر رائدة في حيازتها على كفاءات عالية ومهارات نادرة داخليا وخارجيا بالنسبة للأساتذة والأباء الممارسين الذين لهم ارتباط وثيق بالمخابر الجزائرية المقدر عددها بـ 1500 مخبر و 60 كيانا بحثيا ويقدر عدد الباحثين الدائمين بـ 908 ويتوقع ان يصل الى سقف قياسي مستقبلا.
وعليه وبعد هذه التجربة الثرية والخبرة المكتسبة مطلوب منا ان نقتحم هذا المعترك مهما كان الأمر وهذا بالاستقرار النهائي في التأطير التشريعي وترقية الفعل المادي والبشري حتى نكون على إستعداد لمواجهة اي طارئ مثلما هو الأمر الآن مع فيروس كورونا وهذا من حقنا أن نندمج في منظومة البحث العالمية التي تقودها المخابر الكبری التي تتصارع عفوا بل تتنافس على إكتشاف المصل لطرحه عبر الأسواق العالمية.
وعلينا أن نكون شريكا أساسيا لابديل عنه في إبراز العبقرية الجزائرية في هذا الاختصاص الدقيق الذي فعلا يستدعي مقاييس صارمة كتوفر التحكم في تفاصيل معينة حاضرة عند الجزائريين في إحتلال صدارة العلوم الطبية.
لذلك ، فان تداعيات تفشي فيروس كورونا يدعونا في غضون المواعيد القادمة الى إعادة النظر ومراجعة واقع البحث العلمي في الجزائر على ضوء التقييم الذي يجري خلال المرحلة الآتية ومامدى قدرتنا على التفاعل مع الأوضاع الخاصة التي تحل على شعوب المعمورة فجأة وتصديرها «لفيروسات» من صنعتها جراء كل التطور المذهل والتقدم الخارق في عالم مابعد التضييع الذي وصل الى حد جنوني وهذا هو النقاش الذي كان دائما محل نساؤل هل التكنولوجيات من اختراعات وابتكارات نعمة او نقمة على الانسان؟ مايحدث اليوم في هذا العالم كفيل بالاجابة الواضحة دون لف أو دوران.
وما نقوله ليس كلاما ديماغوجيا اوأقوالا طوباوية بل خيارات مفروضة علينا خلال العقود القادمة مطلوب منا أن ندخل هذا العالم بقوة بما أننا نتوفر علي شروط ذلك ماديا وبشريا والأمر غير مستحيل وفي متناولنا كوننا دائما نود ادراج الاستشراف في أدبياتنا على أساس وضع التكنولوجيا في خدمة الانسان.
وهذا القناعة لا رجعة فيها في الوقت الحالي في المضي قدما باتجاه دعم البحث في المجال وهناك مؤسسات جزائرية نموذجية في هذا الشأن منها» صيدال» التي إستطاعت في مرحلة معينة من فرض نفسها دوليا في شراكتها المتميزة مع المخابر العالمية الذائعة الصيت في توفير لقاحات وأدوية.