تمضي الأزمة الليبية إلى مزيد من الاستفحال والتعقيد، وهي تتحوّل أمام مرأى ومسمع العالم اللاّمبالي إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر قريبا وتشعلها حربا حقيقية يخوضها أبناء الشعب الواحد نيابة عن جهات خارجية كثيرة تتنافس وتتصارع على ما تعتبره الكعكة الليبية المسيلة للعاب، دون أن يهمّها تداعيات هذا التصعيد على الليبيين أنفسهم ولا على المنطقة المتحوّلة إلى بؤرة توتّر حقيقية بعد أن باتت تتوفّر على كل عوامل ومسبّبات السقوط في فخّ الفوضى والدّم، فغياب سلطة الدولة في ليبيا حوّل هذه الأخيرة إلى مساحة مفتوحة أمام انتشار السّلاح وتنقّل الإرهابيين خاصة القادمين من مناطق التوتر في الشرق الأوسط والذين يتمتعون بقدرات إجرامية فتّاكة.
من المهمّ أن ندقّ ناقوس الخطر قبل فوات الأوان، فليس مهمّا لأحد أن تتحوّل أرض شيخ الشهداء عمر المختار إلى سوريا جديدة تأكلها النيران وتأكل معها المنطقة بأسرها، لهذا وجب على الذين نراهم يؤجّجون الخلافات والانقسامات بين الليبيين ويدعمون عسكريا وسياسيا هذا الطرف وذاك، أن يرفعوا أيديهم عن الشعب الليبي ويتركوه ليحلّ أزمته بنفسه، وهو بالتأكيد قادر على ذلك لو استطاع التخلّص من مشكلة الارتهان للجهات الخارجية التي دخلت في سباق محموم ومجنون قصد انتزاع موطئ قدم لها في هذه الدولة ذات الموقع الاستراتيجي والتي تنام على ثروات تثير أطماع لصوص خيرات الشعوب الذين يؤمنون بأن أفضل الأجواء والظروف للتمكّن من بسط أيديهم على هذه الثروات، هي أجواء الفوضى الحروب والعنف، لهذا تتزايد مخاوفنا ويرتفع منسوب هواجسنا من حرب قد تنفجر قريبا لا قدّر الله.
وأمام هذا الواقع المرير، يبقى من المهم للأشقاء الليبيين أن يحذروا من الفخّ الذي نصب لهم، ليراجعوا حساباتهم ويعودوا الى بعضهم البعض للبحث عن مخرج في أقرب وقت، ويسدّوا الأبواب أمام الأطماع الخارجية، ففي النهاية مايحكّ جلدك غير ظفرك، أما الباقي فهي مخالب تمزّق وحدة الشعب وجغرافية الأرض.
ولا بدّ من مساع جادة لحلّ الأزمة الليبية دون مماطلة ولا تأخير، فيكفي المنطقة الخطر الإرهابي الجاثم على صدرها، والذي يجب أن تتوحّد الجهود وتتكاتف الإمكانات لمواجهته قبل أن يستفحل ويتغوّل أكثر.