أكيد أن تحديات المرحلة المقبلة ليست وحدها سياسية، بل أن الشق الاقتصادي الذي احتل حيزا كبيرا في برامج المرشحين الخمسة للاستحقاقات الرئاسية المقبلة واهتماما واضحا، يبرز الأهمية القصوى لهذا القطاع الحيوي الذي بيده مفاتيح النمو والاستقرار والتطور والرفاه، لديه أثر وأهمية كبيرة في مسار التحول السياسي والديمقراطي الذي تعيشه الجزائر.
إذا الخطة الاقتصادية والنظرة الصائبة والدقيقة في رسم ملامح قاطرة النمو، ستكون الخطوة الحاسمة، التي تجعل الجزائر في طريق التنمية الصحيح، لذا الاقتصاد الذي يحتاج بالدرجة الأولى إلى تخطيط جيد وإلى تسيير يعتمد فيه على كفاءات نزيهة، سيكون الورقة الرابحة في يد الرئيس المقبل، الذي سينتخبه الشعب، إذا اختار الوجهة الحقيقية، إذا البداية تكون من إصلاح اقتصادي جذري، ولا يمكن للإصلاح أن يتحقق من دون تقييم عميق، يبتعد فيه عن الشكليات واللجان التي تسند لها المهمات من دون أن يفضي عملها إلى النتائج.
بالنظر إلى الظرف الاقتصادي الصعب، وبالنظر إلى المنعرج الحالي الذي لا يخلو من السلبيات والمخاطر، حان الوقت لنتعلم كيف نتبنى الخيارات الصحيحة، سواء كانت في انتقاء الرجل المناسب في تحمل المسؤولية أو على صعيد التخطيط، ولعل من تجربة الحراك الشعبي يمكن أن نستمد أن طريق الفساد قصير والمتورطون حبل نجاتهم ليس متينا، ويمكن أن ينقطع في أي وقت بسبب درجة الوعي التي أبان عنها الشعب، فيمكن للشعب من دون مجاملة أن يقول لمن أصاب أنه في المستوى وبعد ذلك لا يتردد في تزكيته ودعمه، ولأن الرئيس أو الحاكم يمكن أن يكون القدوة للمسؤول الأقل مرتبة في الانضباط والعطاء والاستقامة وجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
إن الوصول إلى حركية فعلية للمنظومة الاقتصادية، يتحقق بفعل عدة عوامل وأدوات، أهمها الإرادة من طرف المسؤولين والمتعاملين والبنوك والمشرفين على العقار الصناعي ومرونة الإدارة، إذا كيف يمكن تسخير كل ما يحتاجه الاقتصاد بعيدا عن العراقيل والمصالح الضيقة، لمجموعات لا تهمها المكاسب الوطنية؟.. إذا الاقتصاد لا يبنيه رئيس أو وزير أو مجموعة من المتعاملين والمستثمرين وأصحاب المؤسسات، إن الاقتصاد نسيج مكثف من المؤسسات الإنتاجية وإطارات ومسيرين وأيادي عاملة ومخابر، تولي الأهمية للاختراع وتستغل الابتكارات وتشجع أصحابها، نحتاج فقط من يقسم المسؤوليات بشكل صائب، وينتقي السياسات الناجحة، التي تقود البلاد إلى تنمية شاملة ومستمرة، حتى لا تكون مؤقتة.