حمل الأسبوع الكثير من الأحداث، لعل أبرزها التدخل في الشأن الداخلي الجزائري، ومحاولة نشر الغسيل الجاف، على مقاعد البرلمان الأوروبي، بإيعاز من غربان ناعقة ؛ جاء الرد عنيفا؛ غير منتظر شعبيا؛ دبلوماسيا؛ عسكريا أيضا فقد تزامن والمناورات البحرية الجزائرية، الصينية ـ الروسية، التي جرت فصولها ليومين متتاليين في المياه الإقليمية الجزائرية، على مقربة من ضفة المتوسط المطلة على أوروبا، بمعنى تجرى في عقر دار، أمام أعين من يتربصون بالجزائر بعد فشلهم في تولي تشكيل قوة أوروبية المناورات كانت بمثابة رسالة مشفرة، فهموا إشاراتها الأولى لكنهم عجزوا عن فهمها جيدا في هذا التوقيت الزمكاني.
بمعنى آخر، المناورات البحرية جرت في المياه الاقليمية الجزائرية، ولم تجر تفاصيلها في شرق أوروبا ولا في أقصى آسيا، والأعراف تقتضي أن يكون العكس، بدليل موازين القوى غير متكافئة، لكنها رغبة القيادة العليا بحثا عن التموقع الجيد مع شركاء وحلفاء، لا اقول جدد، ولكن للتملص الحذر والنهائي من قبضة هيمنة تعتقد نفسها شرطي الحوض المتوسط بدعم أوروبي دون منازع!.
ملامح الخارطة السياسية الأوروبية لم تعد بتلك الصورة العالقة في المشهد السياسي، افتقدت ذلك الهيلمان بخروج التاج البريطاني من المجموعة، وتلويح ألمانيا برغبتها في تخطي ذلك، ولم يعد أمامها إلا مصالح القارة السمراء عن طريق بوابة الجزائر، نقطة التقاء المصالح الغربية وحرب التموقع، وهي فرصة ثمينة لترتيب وإعادة العلاقات الطبيعية مع حلفاء الماضي «حلف وارسو» لتحقيق القفزة الاقتصادية، ومنها الاجتماعية والسياسية.
يمكن في هذه السانحة إدراج، عنصرين اثنين أولهما، الرد على الذين اعتقدوا في لقاء الثنائي بوتين بن صالح «قمة سوتشي» أن هذا ألأخير، لم يكن في حجم تطلعات الشعب من خلال مداخلة بثتها القنوات، مخلفة استياء مقصودا ومبيتا، في قراءات متسرعة، لم تتعد حدود الملامح الأولى للصورة، لأنها تجهل مكاسب اللقاء، فبعد حرمان فرنسا من حضور القمة، حظيت الجزائر بعضوية المناقش، فجاء الرد بعد القمة، بأن الجزائر شريك استراتيجي في المنطقة المغاربية، وفي إفريقيا، وما يعنيه يعنينا، وليس هناك موانع للتنقل إلى أرض الخصم، مهما كانت أبجديات التاريخ وطبيعة الجغرافيا.
أما الرسالة الثانية فهي تولي روسيا رئاسة مجلس الأمن، تزامنا وموعد الانتخابات الرئاسية ومن يكون على رأس الهيئة الأمنية العليا، له صلاحيات رمي المروحة في وجه خصمه؛ وليس غريبا، في أن يلوح أحفاد القيصر بذلك تيمنا، بما فعله الداي حسين في وجه القنصل الفرنسي «بيار دوفال «، أمام رغبة فرنسية في تدويل الشأن الجزائري على أنه صراع بين الجيش والشعب، ومن خلاله الاستنجاد بالدول الأوروبية، فأوقعها في شر هزيمة لم تحسبها جيدا وعوض ترك الأمور تسير كما هي، وقع الفأس على الرأس.
حكمة الأسبوع
«لقد أخطأنا حين اعتبرنا أن الوطن هو الماضي فقط، أما خالد فالوطن عنده هو المستقبل»