البروفيسور عـلي ملاحـي لـ”الـشـعب”:

النقد اختبار معرفي وليـس ممارسة وصايـة

فاطمة الوحش

هنــاك فـي الأدبـاء مـن لا يتقبّـل النّقد إلا إذا كـان “تزكيـة”

لدينـا أسماء كبـيرة في عالم النّقد الأدبي لا ينبغـي أن نغفل عنها

 يرى الدكتور علي ملاحي أنّ النّقد الأدبي لا يعني الدخول في عملية مصادرة أو تسويق أفكار بطريقة قسرية على النصّ والكاتب، وأشار إلى أنّ النّقد يكون مقبولا حين يتجنّب الناقد التحامل والتجاوز والتطاول؛ لهذا اتّجهت الدراسات النّقدية المعاصرة إلى سلوك معرفي يفرض على النّاقد اعتماد فكرة الاختبار بدل ممارسة الوصاية.

وقال ملاحي لـ«الشعب” إنّ عملية التحليل والتأويل تتحقّق حين يتعامل النّاقد مع النصّ بوصفه وثيقة عمل قابلة للأخذ والردّ.. ولذلك لا يوجد النصّ المنزّه الفوقي والسفلي، فالنصوص كلّها تخضع لاعتبارات منهجية واحدة، طالما أنّ النصّ خرج إلى العلن ودخل في عملية تواصل مع المتلقّي”.
بخصوص واقع الحركة النّقدية بالجزائر، يرى ملاحي أنّنا نعيش حالة ارتباك ثقافي غير مؤسّس على ضوابط، موضّحا أنّ النّقد “تحوّل إلى فلسفة تغليب العلاقات الشخصية على التحليل المعرفي، وصارت عمليات المصادرة تطبّق جهارا، لدرجة أنّ بعض الأدباء لا يتقبّلون أن تتعامل مع النصّ بما فيه، وما يهمّهم هو أن تزكّيه بأيّ شكل من الأشكال، حتى ولو كان هذا النصّ ركيكا أو مبتذلا”.
وتأسّف ملاحي لكون النصوص المتداولة - في كثير من الأحوال - فقيرة أدبيا وتسيء لسمعة الإبداع بالجزائر نتيجة طغيان الكتابات الهشّة في مختلف الأجناس الأدبية، ولفت إلى أنّ النقد الأدبي بالجزائر أفلت الإحكام المعرفي، إلى درجة أنّ بعض الهيئات الثقافية والجامعية تسوّق للركاكة خارج الوطن دون أيّ وازع أو إحساس بالمسؤولية، ويجدون من يروّج لهم سلعتهم، ويحفّزهم على التمادي في الغيّ الثقافي الذي يسيء إلى الوجه الحضاري لوطن له تاريخه التحرّري والتاريخي الكبير، لهذا السبب وجد النقّاد الكبار أنفسهم أمام كومة من الكتابات المضلّلة التي تمسّ بمصداقيتهم” يقول ملاحي.
 ويؤكّد محدّثنا أنّ الحاجة ماسّة إلى “حماية الأسماء النّقدية الكفؤة التي لها دراية معرفية وخبرة بالنصوص وبالتجارب الأدبية، من أمثال الراحل الكبير عبدالملك مرتاض وعبدالله الركيبي وأبوالقاسم سعدالله ومحمد مصايف ورمضان حمود، وشريبط أحمد شريبط ومحمد بوشحيط وبختي بن عودة”.
ويضيف: “هذا الموقف يحيلنا إلى أن نتعامل إعلاميا وإداريا ووظيفيا وثقافيا مع الأسماء النّقدية الجديدة، أمثال النّاقد سعيد بوطاجين وعبد القادر فيدوح ويوسف وغليسي ومحمد داود واليامين بن تومي وعبدالغني بارة وأمينة بلعلى وعبدالحميد بورايو ومحمد ساري وأمين بحري والطيب صياد.. وغيرهم من الأسماء الفاعلة في حقل الكتابة النّقدية التي تتطلّب من الدارسين التأسيس والتوثيق والاعتراف بوجودها، وهم كلّهم في مجموعهم دون استثناء يمثلون قلّة قليلة في الفضاء النّقدي العربي، بالمقارنة مع ما تشهده التجربة النّقدية في مصر، تونس، قطر، سوريا، العراق، اليمن، البحرين وفي موريتانيا وليبيا ..
وفي السياق ذاته، أشار المتحدّث إلى أنّه لا يجب أن نتغافل في بلادنا عن نقّاد كبار قدّموا أطروحات أكاديمية في مختلف الجامعات الجزائرية، ولم تتح لهم الفرصة لنشر أعمالهم الفعّالة علميا وثقافيا، وقال: “كلّ هذه الأسماء وغيرها تمثل بالنسبة لنا أسماء مميّزة تساهم في صنع الفعل النّقدي وحركيته وسيرورته في الجزائر.”
ومن جهة أخرى، أكّد البروفيسور علي ملاحي أنّ المؤهّل نقديا هو صاحب الملكة النّقدية المنصهرة مع الملكة الأدبية، وقال: “النّقد وجدان ومعرفة وخبرة بالنصوص وتجربة واعية وليس مجرد ممارسة تجريبية ..الممارسة النّقدية تحتاج إلى كفاءة وحسّ نقدي وتجربة وانصهار مع التجارب النظرية النّقدية، ناهيك عمّا يحتاج النّقد من قدرات على التأمّل وشجاعة في المعالجة والطرح، وسعة الأفق النّقدي والمعرفة بأصول الخطاب الأدبي”، وأضاف: “نحن لا نستطيع أن نصادر اسما نقديا مثل رشيد بن مالك مثلا، خاصّة عندما يتعلّق الأمر بالنسبة للنّقد السيميائي.. ولا نستطيع التغافل عن تجربة نقدية مثل قادة عقاق ومحمد عقاق، ولا يجب أن ننسى في هذا الإطار محلّلا نقديا مثل عبدالله بن حلي وبلقاسم بن عبدالله رحمه الله.. كلّ هؤلاء وغيرهم يمثلون الفيلق النّقدي الذي تمتلكه الجزائر، ومن شأنه أن يقدّم خدمات ناضجة لمصلحة النّقد الأدبي في الجزائر.”

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024