وقف عشّاق الركح سهرة أول أمس ولأول مرة بساحة مسرح
محمد الطاهر الفرقاني، لمشاهدة العرض الشرفي لمسرحية «أنزار وبوغنجة» التي تدخل في إطار مسرح الشارع.
وقدّم الممثل المسرحي القدير نور الدين بشكري هذا العرض على أنه سابقة أولى في تاريخ المسرح الجزائري، وهي مبادرة تجرّأ مسرح قسنطينة لخوضها كتجربة أولى، حيث يلتحم فيها الجمهور مع الممثلين في ما يسمى بمسرح الشارع، فهو العرض الذي يتفاعل معه المتفرّج وتسقط خشبة المسرح لتندمج مع الفضاء الخارجي، وتصبح الساحة أو جزءا من الشارع ركحا جديدا بامتياز.
تجاوب بالفعل الجمهور القسنطيني وبشهادة الجميع مع هذا العرض الفريد من نوعه، حيث يبشّر بنجاح هذه التجربة التي ستلقى إقبالا كبير من جمهور المتفرجين في المستقبل.
وتقاسم أدوار هذه المسرحية التي ألّفها لمسرح قسنطينة أحسن سراج، وقام بتصميمها وإخراجها المخرج المسرحي القدير ياسين تونسي، مجموعة من وجوه المسرحي الشباب، نذكر منهم حمزة محمد الشريف، نسرين بن عميرة، ليندة غنام،فيصل سعد كيموش، تامر مخناش..بينما أدت الدور الكوريغرافي في هذا العمل الفني الضخم مجموعة من الراقصين أمثال سيد علي لعروق، عبد الله رقيق، أمين مرابط، حسام لدين شلابي، ياسين بوجمر..في حين أدى دور الوصفان كل من الهاشمي بن زموشي، رمضان لويسي، علي صوفة ومحمد العايب.
ويتلخص نص مسرحية «أنزار وبوغنجة»، والتي هي عبارة عن قصة مستوحاة من «الميثولوجيا الامازيغية» أنها تروي حكاية عشق إله الأمطار «أنزار» لفتاة جميلة رآها ذات مرة تستحم بالواد، طلب «أنزار» يد هذه الفتاة التي وقع في غرامها للزواج غير أنها رفضت؟ غضب «أنزار» من موقف هذه الفتاة وكإله يحسب له ألف حساب قام بسحب كل المياه الموجودة بالأرض. خوف الفتاة جعلها تتراجع عن موقفها ثم تعتذر لهذا الإله صاحب القوة، وفي الأخير يتقبل «أنزار» هذا الاعتذار فيبسط عفوه على الفتاة ويعيد المياه إلى حالها ثم يتزوجها.
وفي كلمتة يقول أحسن سراج مؤلف النص، بأن كل شيء ممكن في المسرح كالأحداث الغريبة، التكهنات، اللامعقول وحتى لقاء شخصية لم تلتق بها في الواقع، فـ «بوغنجة» مثلا رآها «أنزار» فعشقها رغم أنها «دمية» عملاقة، تلتقي الدمية بالسكان وتسببت لهم في كارثة، جفاف ومجاعة، رغم أنهم بشر حقيقيين، هذه القصة يرويها في زماننا «بوسعدية»، رغم أنها حكاية مستوحاة من «الميثولوجيا الامازيغية» بطريقته الخاصة، فوجدنا انفسنا في النهاية في مستنقع أحداث وهمية،مستحيلة أحيانا باختصار إنها متعة المسرح.
المخرج ومصمم المسرحية ياسين تونسي، يقول في كلمته بأن الكثير من الناس يعتقد أن الدمى «الماريونيت» لا تتعدى مجال عالم الأطفال، وهي حسب ظن الكثير موجهة الى البراعم فقط، غير أن «الماريونيت» هي فن مستقل بذاته، وهي في حقيقة الأمر موجهة للجميع، فالمسرحية تدور أحداثها بعيدا عن خشبة المسرح أي في الشارع، والشارع هو أي مكان نجده ملائما للفضاء الذي سوف تدور فيه الأحداث. ويختم المخرج: إذا نحن في فضاء مرتجل مع جمهور مرتجل أيضا.
تجدر الإشارة، أن هذا العمل المسرحي الضخم، والذي تطلب تضافر جهود نحو 9 ممثلين و8 راقصين و04 وصفان، شاركت فيه أيضا مجموعة من الفنانين حيث وضع موسيقاه صالح سامعي وقام بالكوريغرافيا سيد علي لعروق، بينما قام بتصميم الماريونيت العملاقة، والتي تبلغ نحو عشرة أمتار الفنان رمزي باجي.