أكد نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي ، الفريق أحمد قايد صالح ،هذا السبت بشرشال (تيبازة) أنه "لا خوف على الجزائر ولا على مستقبلها مهما اشتدت التحديات والرهانات"، حسب بيان لوزارة الدفاع الوطني.
وقال الفريق قايد صالح بمناسبة زيارته إلى الأكاديمية العسكرية لشرشال ،الرئيس الراحل هواري بومدين، عشية حفل التخرج السنوي للدفعات بهذه القلعة التكوينية العريقة، الذي ستحتضنه الأكاديمية الأحد :"إن ما عجز الاستعمار عن تحقيقه فى أرض الجزائر، لم ولن يصل إليه غيره، وهذا عهد وقسم غليظ سيتوارثه أبناء الجزائر الأحرار الأوفياء لنوفمبر ولثورته المظفرة، كابرا عن كابر ، فلا خوف على الجزائر ولا على مستقبلها مهما اشتدت التحديات ومهما عظمت الرهانات، فالجزائر أعظم من أي تحدي وأكبر من أي رهان".
وتابع في هذا السياق، قائلا :"عليكم أن لا تنسوا إطلاقا أيضا، أن كافة أرجاء وطنكم حين تتأملونها، تجدونها كلها عبارة عن مرآة عاكسة لمآثر وآثار تاريخية مجيدة، تشعركم وكأن جغرافية الجزائر، هي متحف طبيعي على الهواء الطلق وكتاب مفتوح ، تروي كل صفحة فيه تفصيل محطة خالدة من محطات تاريخكم الوطني العريق، بل هو التاريخ بذاته يحدثكم عن أمجاد شعبكم وعن ملاحم ثورتكم، وهو ما يبعث على الاعتزاز، ويبعث أكثر على التحفيز ليس فقط على حماية هذه الأرض الطيبة، بل الاندفاع نحو نيل شرف المساهمة في كتابة راهن هذا التاريخ ورسم مستقبله الواعد، اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد".
و بشأن مجريات الزيارة وفي بدايتها أشار البيان إلى انه بعد مراسم الاستقبال، ورفقة اللواء أحسن طافر قائد القوات البرية، واللواء علي سيدان، قائد الأكاديمية العسكرية لشرشال، أشرف الفريق قايد صالح على تسمية المدرسة الملحقة للأكاديمية باسم الشهيد عبان رمضان وذلك بحضور أفراد من عائلة الشهيد الذين تم تكريمهم بالمناسبة.
كما قام الفريق قايد صالح بتدشين وتفقد بعض المرافق الإدارية و البيداغوجية للمدرسة الملحقة، قبل أن يتابع عرضا شاملا حول التكوين العلمي والتقني والعسكري الذي تمنحه الأكاديمية لطلبتها و متربصيها، قدمه اللواء علي سيدان قائد الأكاديمية.
وبعد التدشين ترأس الفريق قايد صالح لقاء توجيهيا مع إطارات وأساتذة وطلبة الأكاديمية، أين ألقى كلمة توجيهية تابعها أفراد جميع وحدات الجيش الوطني الشعبي عبر النواحي العسكرية الست، عن طريق تقنية التحاضر عن بعد، ذكر في بدايتها ب"نجاعة التعليم والتكوين الرفيع المستوى الذي تمنحه الأكاديمية لمتربصيها وطلبتها وبالجهود الحثيثة المبذولة الرامية إلى الاستثمار المربح في منظومة التعليم والتكوين للجيش الوطني الشعبي التي يوليها شخصيا أهمية قصوى".
وأوضح في هذا الإطار أن "مواصفات النخبة العسكرية التي نسعى إلى تجسيدها على الأرض، والتي بدأت فعلا ملامحها تتضح وتتبلور شيئا فشيئا مع توالي تخرج الدفعات، ومع المضي في استكمال الجهد التطويري والتنظيمي والإصلاحي والتحضيري الذي شرعنا فيه في السنوات الأخيرة وقطعنا من خلاله، بفضل ما يجده الجيش الوطني الشعبي من دعم متواصل من لدن فخامة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، أشواطا معتبرة على أكثر من صعيد، ترتكز على توفير مجموعة من المتطلبات أكتفي بهذه المناسبة بالتطرق إلى بعضها على سبيل المثال وليس الحصر".
واستطرد في هذا الشأن قائلا :"لقد أودع الله سبحانه و تعالى عباده قوة ذاتية خارقة، تمثل بوابة حقيقية لاقتحام مداخل المعرفة، واستبطان مجاهل الأمور واستيعاب خفايا العلوم والفنون العسكرية بشتى تفرعاتها وتخصصاتها"، مؤكدا الحرص على أن تكون الأكاديمية العسكرية لشرشال تحديدا، والمنظومة التكوينية للجيش الوطني الشعبي على وجه العموم، "أداة ناجعة لتفعيل هذه القوة الذاتية لدى الأفراد العسكريين، طلبة ومتربصين، وجعلهم بمثابة التربة الخصبة التي تزرع فيها كل هذه المعارف، و تثمر وتينع ليصبح من خلالها الطالب ، مستجيبا لتقبل المعارف الممنوحة والعلوم الملقنة، ومستعدا ذهنيا وعقليا ونفسيا، وبكافة حواسه، لاستقبال واستيعاب بصفة آلية وطبيعية كل هذا الكم النوعي من المعارف".
أما "المتطلب الثاني الذي نعمل ونحرص كثيرا على أن يكون فضيلة من فضائل نخبتنا العسكرية - يقول الفريق قايد صالح -، ينطلق من فكرة أن الجهود إذا لم يتم تنظيمها وتوحيدها وتكاملها لن تبلغ غايتها" مبرزا ان ذلك "مبدأ عام ينطبق على كافة المجالات بما في ذلك المجال الدراسي والتكويني والتعليمي، من هنا تصبح فضيلة التعاون مطلبا ملحا من المطالب الواجب على المنظومة التكوينية تلبيتها من خلال غرس معانيه ومفاهيمه وإبراز أهميته القصوى في العمل الجماعي ذي الأهداف الواحدة والمشتركة".
وذكر في ذات السياق أنه من بين متطلبات النجاح "التفكير الإيجابي باعتباره يمثل بوتقة صناعة الإرادة المؤدية إلى مسالك الأعمال الناجحة، ومن أهم عوامل تثبيت التفكير الإيجابي في أذهان الأفراد، هو قدرتهم على أن يؤمنوا إيمانا قاطعا، بأنه لا مناص من العمل الجاد والجهد المثابر المخلص والمثمر في سبيل بلوغ ما يأملوه من أهداف شريفة ونبيلة".
وقال في هذا الإطار انه "من المكاسب التي حازت على كافة متطلبات النجاح، فإنه حقيق بي بهذه المناسبة الكريمة التنويه مجددا بالنجاح الباهر الذي حققته مدارس أشبال الأمة سواء من حيث الإقبال المنقطع النظير الذي يبديه المواطنون كل سنة من أجل السعي إلى منح فلذات أكبادهم شرف الانتساب إلى الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني".
و أضاف أن "هؤلاء الأشبال و الشبلات الذين أصبحوا اليوم يغطون كافة المستويات التعليمية، وأصبحوا يحققون نتائج استثنائية سواء أثناء امتحانات شهادة التعليم المتوسط، أو شهادة الباكالوريا أو حتى على مستوى الأكاديمية العسكرية لشرشال وكافة المدارس العليا الأخرى".
وابرز أن هذه النتائج "تثبت حسن انتهاج هذا المسعى الدراسي وحسن الإلمام بكافة موجبات نجاحه وحسن توفير كافة الظروف، المعيشية والتربوية وكافة مقاييس الرعاية اللائقة بأبنائنا الأشبال إناثا وذكورا".
وأكد الفريق قايد صالح أن هذه الرعاية "أنتجت، نتائج في غاية التميز و الإبهار، لاسيما بخصوص مستويات المتخرجين من مختلف الدفعات وقوة اندماجهم السلس والمرن والإيجابي في معترك حياة المهنية العسكرية ومحكها العملي، مثبتين لمن يريد الإثبات، أن خيارهم لهذا المسار الدراسي والمهني المستقبلي، نابع من خصوصيات مجتمعنا ومن حنايا مرجعيتنا التاريخية، التي وجد فيها أشبال الثورة بالأمس ضالتهم وحققوا من خلالها مبتغاهم، ويجد اليوم أشبال الأمة كل ما يحقق لهم طموحاتهم التعليمية والدراسية وكل ما يضمن لهم مستقبلا مهنيا و وظيفيا واعدا، ويمنحهم من جهة أخرىي، شرف خدمة جيشهم وأمتهم وذلك منتهى ما يتمناه الإنسان في مشواره الحياتي".
وبمناسبة استعداد بلادنا للاحتفال بيوم من الأيام التاريخية الخالدة، المتمثل في الذكرى السادسة والخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية، أكد الفريق قايد صالح أن "المرجعية التاريخية الوطنية والروحية هي ملهمة الجيش الوطني الشعبي ، وهي المصدر الذي يستوحي منه جوهر بناء إستراتيجيته المهنية والتطويرية".
وتابع مخاطبا إطارات الأكاديمية "من هذا المنطلق عليكم أنتم ومن خلالكم كافة أفراد الجيش الوطني الشعبي، أن لا تنسوا إطلاقا بأنكم أبناء ثورة عظيمة ربانية الروح والغاية، اقتبست بريقها من شعارها القرآني النوراني "إن ينصركم الله فلا غالب لكم"، فبارك الله مسعاها، ومكن لها وحقق غايتها وانتصرت على أعدائها، بعد تضحيات جسام ومعاناة طويلة مع مستعمر استيطاني غاشم وهمجي، وكان الاستقلال الوطني هو درة هذا الانتصار المبين، الذي تبقى نشوة إحرازه باقية على أرض الجزائر إلى يوم الدين، ويبقى معه الحرص على أن تظل الجزائر أمانة بين أيدي من يقدر هذا المكسب الغالي والثمين، ومن يحرص على أن تبقى الجزائر واحدة وموحدة أرضا وشعبا،إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".
وبعد المداخلة فُسح المجال لتدخلات طلبة الأكاديمية ، وأفراد وحدات الجيش الوطني الشعبي عبر النواحي العسكرية الست، والذين عبروا من جديد عن "اعتزازهم وفخرهم الكبير بالانتماء إلى صرح الجيش الوطني الشعبي واستعدادهم الدائم، وفي كل الظروف للتضحية في سبيل عزة الوطن وأمنه واستقراره وسيادته.