توج اليوم الإعلامي الذي نظمه “ألافسيو” حول تحدي ترقية النشاط اللوجستيكي في الجزائر والذي يرتكز عليه التصدير، بإنشاء جمعية وطنية تفتح أبوابها لانضمام مختلف المتعاملين والهيئات والمنظمات والشركات المهتمة بهذا النشاط الاستراتيجي والذي يحتاجه كثيرا الاقتصاد الوطني، الذي يتطلع إلى النمو واقتحام الأسواق الخارجية بتنافسية عالية، وعلى اعتبار أن نجاح التصدير يتوقف على مدى جودة الخدمات اللوجستيكية من شحن للبضائع ونقل وما إلى غير ذلك، ومن المنتظر أن تكون هذه الجمعية كقوة اقتراح ويعول عليها في لعب دور هام خاصة على صعيد المراقبة.
أثار المشاركون في اليوم الإعلامي الذي نظمه منتدى رؤساء المؤسسات بفندق الأوراسي، إشكالية النقائص التي يعاني منها النشاط اللوجستيكي وتؤثر على مسار التصدير، خاصة ما تعلق الأمر بغلاء التكلفة رغم وفرة الهياكل القاعدية والبنى التحتية، حيث أشارت آخر الأرقام أن الجزائر تحتل المرتبة 75في قائمة تضم 160 فيما يتعلق بالنشاط اللوجستيكي، حيث تحتل المرتبة الثامنة إفريقيا والأولى مغاريبيا.
واعترف عبد الله سراي رئيس لجنة النقل والنشاط اللوجستيكي بمنتدى رؤساء المؤسسات بوجود هياكل قاعدية مهمة تم إنشائها وأخرى في طريقها إلى التجسيد، وراهن على ضرورة ترقية نوعية خدمات القطاع اللوجستيكي، من أجل مد يد العون للمصدرين ومنتجاتنا للتموقع عبر أسواق خارجية، في إطار تهيئة المحيط، على خلفية أن جودة المنتوج لا تكفي وحدها حتى تواجه منافسة سلع أخرى في أسواق خارجية، لذا أوضح سراي يقول أنه حان الوقت للعمل على تحسين خدمات هياكلنا، بهدف تحقيق أهداف التصدير وتطوير التصنيع الجزائري، ولم يخف في سياق متصل أن نسبة 3 بالمائة فقط من البضائع يتم نقلها عبر الموانئ من طرف بواخر جزائرية، وما تبقى يسند إلى مؤسسات نقل أجنبية، مشددا على ضرورة الرفع من حجم البواخر في ظل نقص عددها.
ومن أسباب غلاء تكلفة النشاط اللوجستيكي أوضح عبد الله سراي أن البواخر تحضر الواردات ولا تأخذ معها الصادرات، عكس العديد من الدول التي تكلفتها منخفضة مقارنة بالجزائر، لأنه تصدر وتستورد فالبواخر دائمة معبأة بالبضائع، وخلص إلى القول في هذا المقام أنه من الضروري التحكم في شبكة أسعار النشاط اللوجستكي، واشترط بلوغ الآجال القصيرة في عملية الشحن والنقل في عملية التصدير، مع فعالية الهياكل وتناسقها لبلوغ النجاعة، خاصة في ظل تحسن السير والخدمات على مستوى الجمارك.
ومن جهته عبد الكريم رزال مدير النقل البحري والموانئ بوزارة الأشغال العمومية، تحدث بلغة الأرقام عن كل ما هو متوفر وما سجل في إطار عمليتي الشحن والنقل عبر الموانئ، حيث أكد على وجود 24 باخرة و45 ميناء، وكشف في سياق متصل أنه في عام 2017تم نقل ما يناهز 10.3 مليار طن من البترول والغاز، متوقعا أن يرتفع النقل عن طريق الموانئ بنسبة 3.2 بالمائة في آفاق عام 2020، ولم يخف أن النقل البحري للحاويات تأثر كثيرا عام 2009 بسبب الأزمة العالمية، مشيرا بأن الفاعلين العالميين أصحاب القدرات الكبيرة في المجال اللوجستيكي، يتمثل في ألمانيا والصين واليونان، وذكر أن تكلفة النقل البحري مرتفعة بالنسبة للدول المتخلفة ومنخفضة بالنسبة للدول المتطورة.
وسلط الضوء على الوضعية الإستراتجية التي تحتلها الجزائر في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وأعلن عن وجود برنامج إدماج لتطوير القدرات، علما أن مدارس التكوين تحتاج إلى دعم مالي لترقية الموارد البشرية، مؤكدا على وجود إستراتجية لتطوير فرق العمل، بهدف الرفع من نسبة تغطية عملية شحن البضائع من 1 بالمائة إلى 25بالمائة، وفي عرضه المستفيض قال أن الهياكل القاعدية سجلت تحسنا كبيرا مقارنة بما سبق، مع ترقب دخول فاعلين جدد في سوق النشاط اللوجستي، من شأنه أن يحسن الخدمات والتغطية في نفس الوقت، وقدم مجموعة من الأرقام المسجلة تتعلق بخصوص نقل الأشخاص عن طريق الموانئ أي نحو 722 ألف مسافر في عام 2017، مسجلا نموا في عدد السياح، وتطرق إلى مسألة السهر على إنجاز مشاريع كبيرة في مجال النقل البحري، مشددا على استحداث رؤية دقيقة وفعالة للنقل لتأطير جميع النشاطات.
التحكم في شبكة أسعار النشاط اللوجستي
أما سفيان مشري مسير مؤسسة مشري للخدمات البحرية وأمين عام وكلاء البحرية الجزائرية على هامش اللقاء، اعتبر أن مبادرة “الأفسيو جد مهمة، وتحدث عن القدرات الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر، لكن تم إهدارها حيث تأثرت كثيرا في العشرية السوداء، وقال أن البنى التحتية متوفرة من أجل التصدير، وفوق ذلك يمكن تطويرها أكثر في ظل وجود مشاريع معتبرة، داعيا في نفس الوقت إلى ضرورة رفع التحدي من أجل تصدير المنتجات الجزائرية في أسواق جزائرية، وبالتالي تخفيض تكلفة الخدمات اللوجستيكية، لأنه توجد منتجات جزائرية ذات جودة عالية، لكن تكلفة النقل والشحن والتبريد تجعل أسعارها في الأسواق الدولية جد مرتفعة، ويرى أنه حان الوقت للتحكم في شبكة أسعار النشاط اللوجستي.
في حين على باي ناصري رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، كشف بدوره عن تسجيل 10 جزائريين طلبوا اقتناء أو تأجير البواخر، مؤكدا أنها البداية الحقيقية نحو تفعيل عملية التصدير، مرافعا على مسألة التعجيل بتقليص آجال التصدير، ولم يخف أن المصدر أحيانا ينتظر كثيرا ليحصل على الحاوية التي يصدر فيها، ووقف على الانفتاح لتوسيع والرفع من عدد البواخر والطائرات من أجل تصدير المنتجات الجزائرية.