تتواصل عبر مختلف مناطق تلمسان العليا والشرقية خاصة ببلدية وادي الشولي التاريخية، بني صميل، عمليات جني محصول فاكهة الكرز المعروفة محليا بـ ( حب الملوك )، والتي عرفت خلال هذا العام إنتاجا معتبرا و قياسيا فاق كل التوقعات، حتى من المنتجين أنفسهم لم يكونوا ينتظرون وفرة في الإنتاج والذين ربطوه أساسا بالظروف الجوية التي سادت تلمسان إبان الأشهر الماضية.
عرفت تلمسان تساقطات معتبرة للأمطار جاءت في وقت مناسب ورغم أنها أثارت تخوفات الفلاحين بحكم أن الأمطار تؤثر سلبا عن المنتوج، الا ان تساقط الأمطار قبل ان تشهد فترة نضج الفاكهة وكذا التحول الجوي الذي شهد ارتفاعا في درجات الحرارة ساهم في تحسين المردود كما و نوعا.
رغم ان مديرية الفلاحة للولاية باعتبارها المسؤول الاول على القطاع اعترفت انها لا تتحكم في حجم المنتوج، ولا بالثروة المتعلقة به باعتباره ملكا للقطاع الخاص من فلاحين وأصحاب الحقول و الضيعات إلا ان منتوج هذا العام سيكون من أفضل المواسم لا سيما في مناطق يبدر واولاد سيدي الحاج، و مزوغن بالاضافة الى منطقة القصيعة ولالا ستي بأعالي تلمسان و التي استعادت مكانتها كمناطق منتجة للكرز بامتياز بعد سنوات من التراجع خلال التسعينيات نتيجة الارهاب الهمجي الذي طال هذه المناطق و المداشر، و الواقعة في مرتفعات تلمسان الشرقية و التي تتميز بوعورة تضاريسها و تسبب ذلك في هجرة ساكنتها الى مناطق اكثر أمانا.
في المقابل تعرضت هكتارات اخرى من اشجار الكرز الى الحرق نتيجة الملاحقات التي كانت تقوم بها قوات الامن و الجيش لفلول الارهاب التي استقرت بالمنطقة، وكان لذلك اثر سلبي على مئات اشجار الكرز التي يبست معظمها
و اصبحت غير صالحة و كادت خلال تلك الفترة ان تفقد هذه المناطق مكانتها كقطب منتج لفاكهة الكرز والتي يتم تسويقه الى مختلف جهات الوطن ، تحت اسم حب الملوك تلمسان قبل ان يعاد له الاعتبار من خلال سلسلة من برامج الدعم الفلاحي بعد استتباب الامن ، منها ما قامت به مديرية الغابات خلال السنوات الماضية و التي اطلقت برنامجا لغرس 400 هكتار بأعالي أولاد سيدي الحاج ببلدية وادي الشولي باشجار الكرز في اطار برامج تهتم باستقرار القرويين في مداشرهم.
قدمت لهم الدولة اعانات من خلال عشرات الشتلات لشجيرات الكرز التي تم اعادة غرسها مجددا والتي حفزتهم للعودة على نشاطهم المهني الذي ارغموا على التوقف عنه لعدة سنوات ومن جانب آخر سجل سعر هاته الفاكهة انخفاضا محسوسا، خلال الأيام القليلة الاخيرة، إلا انه يبقى بعيدا عن متناول الطبقة البسيطة
و المتوسطة من افراد المجتمع، حيث يصل في مختلف الاسواق الى ما بين 500 و 600 دينار للكيلوغرام بحسب النوعية، بعد ما سجل 800
و 900 دينار للكيلوغرام في اولى ايام الجني التي تتزامن مع أواخر رمضان المعظم .
وبما ان عملية الجني متواصلة هذه الى غاية الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، والذي من المنتظر ان تعرف اسعاره تراجعا طفيفا على عكس العام الماضي الذي سجل ادنى الاسعار في تاريخه ببلوغ سقف 150 دينار للكيلوغرام في أخر ايام عمليات الجني و التي تعرف حاليا الاستعداد غضون الاسبوع الجاري لجني آخر اصناف الفاكهة مثل البيقارو و القوار .
وهي أصناف تتميز عن سابقاتها والعديد من العائلات تقبل على تحويلها الى مربى الفواكه بالطرق التقليدية، وتعطي منتوجا يضاهي في مذاقه ونوعيته انواع المربى المصبرة والمنتجة في المصانع وبطرق حديثة، وهي ظروف جعلت الفلاحين يطمئنون لقضاء سنة في وضع اجتماعي احسن، خاصة و ان منتجي يبدر واولاد سيدي الحاج ومزوغن وبني غزلي يعتمدون سنويا على محصول الكرز لتغطية حاجيات عائلاتهم طوال أشهر السنة.