لا يزال ملف البيئة يشكل أحد ابرز العقبات في مجال التنمية المحلية بولاية بومرداس بالنظر إلى الصعوبات اليومية التي تواجه البلديات في رفع أطنان النفايات المنزلية يوميا من الأحياء والقرى بسبب ضعف الإمكانيات المادية ووسائل الشحن وتعثر مشاريع انجاز مفرغات عمومية مراقبة في كل بلدية تقريبا نتيجة الاعتراضات وكلها ظروف أدت إلى التدهور المستمر للمحيط وتراجع شروط النظافة.
رغم المجهودات المبذولة من قبل السلطات الولائية لتجسيد مختلف البرامج الحكومية المتعلقة بحماية البيئة والمحيط العام للسكان والتثمين الاقتصادي لمختلف النفايات اليومية المنزلية والصلبة التي تفرزها الوحدات الصناعية والإنتاجية وحتى الإدارية والصحية بالخصوص عن طريق تشجيع عملية الرسكلة وفتح أبواب الاستثمار أمام حاملي المشاريع والمبادرات القليلة في مجال تدوير النفايات وإعطائها بعدا اقتصاديا إلا أن دار لقمان تبقى على حالها ولم تتحسن الوضعية نحوالأفضل وتبقى النفايات وظاهرة الرمي العشوائي تشوه مدن وأحياء هذه الولاية الساحلية السياحية التي كان من المفروض أن تكون مثالا في النظافة وجمال المحيط.
المحصلة النهائية التي جعلت من قطاع البيئة يراوح مكانه ليست مرتبطة فقط بتقصير مؤسسات النظافة التي تقوم بدورها وأحيانا أكثر وبإمكانيات بسيطة خاصة على مستوى البلديات العاجزة عن تطبيق برنامج دقيق لرفع النفايات سواء لقلة الوسائل بالاعتماد على شاحنة واحدة تقوم بنقل النفايات بمركز الردم التقني لقورصوالذي يشتغل فوق طاقته القانونية في غياب البدائل بعد تعثر برنامج إنشاء مفرغة عمومية مراقبة في كل بلدية أودائرة تقريبا وذلك راجع لاعتراضات المواطنين، بل أن الإشكالية مرتبطة أيضا بغياب الثقافة البيئية لدى المواطن الذي لم يعد يكترث بتاتا لمشكل البيئة وتدهور المحيط العام ومدى انعكاس ذلك على الجانب الصحي خاصة على الأطفال حيث بدأت مع الارتفاع القليل لمؤشر الحرارة أسراب الحشرات والناموس تغزوا الأحياء، ومخاطر أخرى قد تنجم عن المياه الملوثة في الأودية التي أصبحت مصبا لكل أنواع النفايات والمخلفات.
كما نسجل بولاية بومرداس انسحاب تام لفعاليات المجتمع المدني التي تنشط في قطاع البيئة ولم يعد لها تأثير يذكر في مجال التحسيس والتوعية بين المواطنين والضغط على المؤسسات الصناعية والاقتصادية التي تنتهك يوميا مجال البيئة وعدم احترام الشروط القانونية المعمول بها في مسألة التخلص من النفايات خاصة الصحية منها الخطيرة على صحة المواطن التي لا تزال إلى جانب النفايات الصلبة تلقى على ضفاف الأودية والشريط الساحلي المهدد بكوارث، وهذا طبعا دون الحديث عن انعكاسات هذه الوضعية على الحياة البرية في بعض المناطق الرطبة وكذا الحياة البحرية الايكولوجية التي تأثرت كثيرا من النفايات البلاستيكية والكيماوية وأدت إلى تراجع رهيب في الثروة السمكية، ومظاهر أخرى سلبية كثيرة منتشرة بولاية بومرداس كسرقة الرمال والاعتداء المتواصل على الغطاء النباتي الأخضر، لتبقى في الأخير مسألة حماية البيئة والمحيط مسؤولية الجميع، مع التنويه أيضا ببعض المجهودات التي تقوم بها السلطات الولائية في التقليل من الظاهرة ومحاولة إعطاء بعدا جماليا لمدن الولاية عن طريق إنشاء مؤسسة مدينات لرفع النفايات وتنظيف المحيط والتوسع في إنشاء المساحات الخضراء واسترجاع الفضاءات العمومية والحدائق التي بقيت مهملة لسنوات.