طباعة هذه الصفحة

الرحبة والساعة العملاقة والسور القديم بمليانة

جلسات رمضانية للنسوة والشيوخ بنكهة الأمكنة العتيقة

عين الدفلى/ و.ي. أعرايبي

كانت منطقة مليانة بولاية عين الدفلى قلعة محصنة بعاداتها وتقاليدها وإحتفالاتها ومظاهرها الإجتماعية والثقافية التي جعلت منها أيقونة الحضارات التي تعاقبت عليها، مما جعلها تفرز نمطية في الحياة الخاصة بمجتمعها الزكاري تحت مظلة الولي الصالح سيدي أحمد بن يوسف وإمارة الأمير عبد القادر، مشكلة جلسات حميمية تحت روائع الطرب الأندلسي انطلاقا من الساعة العملاقة وباب الرحبة والحديقة. غير أن هذه الصورة بدأت تتناثر كحبات الكرز في غفلة من سكانها والمعنيين بالأمر الذين فرطوا في الأيام الملاح.
حكاية هذه الأمكنة ونواصع الجلسات المليانة في مواقع ظلّت سمة من سمات المجتمع الملياني الذي كسب خصوصيات جعلت من الرئيس الراحل «أحمد بن بلة» يتعلّق بأمكنتها وطبيعة وفضاءاتها المعروفة بجلساتها، أين عهد السكان عبر تنظيم مثل هذه الطقوس التي يفتخر بها المليانيون يقول بوعلام مسؤول الدائرة الأثرية بمتحف الأمير عبد القادر.
حيث كان للمدينة حنينها، وبهذه الطقوس بدأ من الفترات المتعاقبة من الفنقيين والنومديين والرومان والوندال والبزنطين ودخول الإسلام تأسيسها من ملك صنهاجة بولوغين بن زيري وبعدها الدولة الحمادية والمرابطين ثم الفترة التركية التي بلغت فيها المنطقة والسكان معالم الحضارية بوجود الأندلسيين الذين أسسوا لحلقات الموسيقى الأندلسية ومظاهر التجارة والحرف والصناعة التقليدية التي أعطت للناحية خصوصية لباسها لدى النساء والرجال ومظاهر الأفراح التي كانت تحتضنها حتى الفترة الإستعمارية كتحدي للمستعمر الفرنسي.
أين يجلس المتردّدون على أماكنها انطلاقا رحبة صور المدينة الذي يمتد من مدخلها الشمالي إلى غاية الناحية الغربية بالباب الغربي مرورا بساحة علي عمار «علي لابوانت» مستشفى المدينة الذي يعود للعهد الإستعماري، بالإضافة شارع البلاتان الذي لا تتسرب إليه أشعة الشمس نظرا لضخامة الأشجار زيادة على حكايات الحديقة ومناطق أخرى سجلت حنينا ارتبط به المليانيون عبر هذه الحقب بما فيه جلسات النسوة بظريح الوالي الصالح سيدي أحمد بن يوسف.
هذا الزخم من الصور التي انفردت بها مدينة مليانة عروسة زكار، كان لها أن تصنع تميزا متفردا لا نظير له بدأ من منطقة البليدة إلى غاية ولاية تلمسان ووهران بالنظر إلى دارسي تاريخ المدن ومواقع الحضرية التي سجلت حضورها ولازالت تحن إلى تلك اللحظات الجميلة التي صنعها سكان وأعيان المنطقة بـ عروسة زكار» كما يصطلح العامة على تسميتها بالنظر إلى موقعها المعلق بأعالي جبل زكار الشامخ والذي تروي النسوة الأباء حكاياته في صد كل الهجومات التي كانت تستهدفه عبر الحملات العدائية إلى غاية الإستعمار الفرنسي الذي لقنوه درسا في فن المقاومة. ولعلّ ما يحكيه الحاج محمد وزميله عبد القادر والذين أحاطب بهم عمي الطيب وعمر وبن يوسف في جلسة حميمية بالمقهى المقابل للساعة العملاقة عن نوادر الجلسات وأشهى الذكريات التي أخذها منهم المكان المقابل لمتحف الأمير عبد القادر هي من أجمل اللوحات التي يتم حبكها تحت أكواب الشاي ومشروبات خاصة يحبذها هؤلاء الذين لم يترددوا في استحضار للزمن الذي أخذ منهم زهرة الأيام والليالي. كانت الطرابش تضاهي بعضها البعض في الجبة المنقوشة الخاصة بشهر رمضان والبليغة من الجلد الخالص الذي يتمّ صناعته في الرحبة التي فقدت من نشاطها ومعالها الشيء الكثير، يقول محدثونا في عين المكان.