طباعة هذه الصفحة

«شربة المرمز» طبق تقليدي جمع لذة المذاق والغذائية العالية في القيمة «بني عفاق» بميلة

يحرص سكان منطقة بني عفاق ببلدية ترعي باينان (شمال ميلة) على الحفاظ على تقليد رمضاني يميز مائدة الإفطار خلال الشهر الفضيل جمعوا فيه بين النكهة واللذة التي يجدونها في طبق «شربة المرمز» أو»شربة الشعير» مع فوائده الصحية التي تجعلهم يقاومون الحر وساعات الصيام الطويل وبأريحية أكبر.

ويعد طبق الشربة العادي أساسيا في وجبة الإفطار بالنسبة للكثير من العائلات بميلة لكن بالنسبة لأهالي مشتة بني عفاق الفلاحية الريفية ذات الطبيعة الجبلية والغابية لا يمكن أن يبدأ الصائم إفطاره طيلة أيام شهر رمضان الكريم إلا بـ»شربة المرمز».
وتعترف السيدة جميلة بوبريم صاحبة 59 سنة المنحدرة من هذه المشتة بأن هذا الطبق يعد ميزة إفطار عائلات بني عفاق وهو تقليد قديم بالمنطقة، حيث لا تخلو غالبية المنازل من مادة «فريك الشعير» التي تحضر بها هذه الشربة اللذيذة والصحية والتي تشم رائحتها كل مساء من المنازل فتضفي نكهة خاصة على اليوميات الرمضانية.
وتعتبر عملية تحضير «فريك الشعير»، إستنادا لذات المتحدثة من العادات والتقاليد التي لا يزال كثير من أهل المنطقة يحافظون عليها تحسبا لحلول شهر رمضان ويتشارك في ذلك النساء والرجال كل على طريقته.
فكل شخص يخصص مساحة صغيرة من حقله ويعد تربتها ويزرع فيها الشعير وعندما تنضج السنابل أواخر شهر مايو من كل سنة وقبل أن يتحول لونها من الأخضر إلى الأصفر يقوم بحصادها باستعمال المنجل ثم تحرق بالنار أو «تشوط» كما يقال هنا  للتخلص من الشوائب وتوضع السنابل بعد حرقها في مكان به ظل حتى تجف.
وفي هذه المرحلة يأتي دور المرأة فتقوم بدرسها عن طريق ضربها بخفة بعصا خشبية وذلك لفصل الحبوب عن السنابل ثم تقوم بغربلتها لأخذ حبات الشعير وحدها فتغسلها بالمياه وتصفى جيدا ثم توضع في آنية بها ثقوب يطلق عليها محليا «الكسكاس» لتفور على ماء يغلي وتضاف لها كمية من الملح بعدها تجفف وتطحن عن طريق المطحنة التقليدية وتغربل لآخر مرة للحصول على «فريك الشعير» أو «المرمز» بعد فصله عن «النخالة» و»الدقاق».
ولا تختلف طريقة تحضير «شربة المرمز» عن الشربة العادية - تضيف السيدة جميلة - إلا في استعمال «المرمز» بدل «فريك القمح» كما أن هذا النوع من الشربة يستوي في وقت أقصر مقارنة بالشربة العادية ويتميز بمذاق حلو بعض الشيء ناهيك عن فوائده الأخرى.
وبدورها أكدت أخصائية التغذية السيدة سعاد بوالشعير لعور، أن هذا الطبق يعد بديلا مهما لشربة الفريك العادية فهو صحي وله قيمة غذائية عالية جدا إذا لم يتم الإفراط في إضافة الطماطم المركزة والتوابل والدهون إليه كون «المرمز» مشتق من مادة الشعير التي تحتوي على كثير من المعادن على غرار الفوسفور والمغنيزيوم والزنك والحديد وكذا فيتامينات المجموعة «ب» والبروتين (في كل 100غ شعير 2,26غ بروتين).
كما تحدثت ذات الأخصائية عن غناه بالنشويات مما يوفر الإحساس بالشبع ويعطي قوة ومقاومة كبيرة للصائم حتى في أيام الحر. ويحتوي الشعير أيضا على الألياف الذائبة التي تخفض نسبة الكولسترول في الدم والألياف غير الذائبة التي تقي من مشاكل الجهاز الهضمي عند الصائم، بالإضافة إلى أهميته بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة كالسكري وفقر الدم كونه يساعد كثيرا في تحسين الحالة المزاجية للإنسان.