دعا البرفسور محمد الشريف إلمان الخبير الاقتصادي إلى ضرورة إعادة النظر في التشريعات المنظمة للمنظومة المصرفية، من أجل تحسينها بشكل أعمق، والتركيز على التأطير الجيد للإطارات البشرية التي يعول عليها في تسيير المنظومة المصرفية، لأنه يعتبر أن تكوينها في الوقت الراهن، مازال ناقصا، ولم يخف أن فضيحة الخليفة كانت سببا مباشرا في انقراض البنوك الخاصة الوطنية.
قال البرفسور إلمان أن الإصلاح الحقيقي للمنظومة البنكية الجزائرية ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار مسألة الإعلام حتى يفعل إلى جانب نظام الرقابة الداخلي على مستوى المؤسسات المصرفية، وكذا التكوين الجيد للقدرات البشرية.
وعكف الدكتور على تشريح دقيق لمسار المنظومة المصرفية في الجزائر منذ عقد التسعينيات، حيث قال إن النظام المصرفي الجزائري واجه وضعا صعبا في تلك المرحلة عرقل أداء مهمته على أكمل وجه، على اعتبار أن وجد نفسه وجها لوجه مع محفظة ثقيلة من القروض لشركات عمومية لا يمكن استرجاعها، وارتكز حسبه الاصلاح الأولي على التخفيض من ضغط المحفظة المالية، واعترف الأستاذ في سياق متصل أنه منذ سنة 1991، إلى غاية يومنا هذا مازالت الخزينة العمومية لم تنته من عملية مسح ديون القطاع العمومي، وذكر أن الخزينة العمومية تمكنت إلى غاية نهاية شهر ديسمبر من سنة 2010، من امتصاص ما يناهز 1600 مليار دينار ويتعلق الأمر بعملية مسح ديون القطاع العمومي في إطار سياسة التأهيل والتأطير، يضاف إليها مسح القروض الفلاحية، ولأن بعض الشركات العمومية مازالت لها قروض غير مسترجعة من طرف البنوك.
واعترف أنه منذ فتح النظام المركزي للنشاط المركزي منذ سنة 1990، ولج رأسمال الخاص الأجنبي والوطني، لكن الرأسمال الوطني انقرض في حسبه في الفترة الممتدة ما بين سنة 2003 و2006، ولم يبق في الساحة أضاف يقول سوى نشاط البنوك الفرنسية وبعض البنوك العربية، مقدرا سيطرة البنوك الفرنسية بنسبة تتراوح ما بين 10 و12 بالمائة في السوق المصرفية الجزائرية، وكشف أن منتوجها المصرفي بسقف عالي على اعتبار أن فوائدها تصل إلى حدود الـ30 بالمائة، ولم يخف الخبير إلمان أننا استفدنا إلى حد ما من البنوك الخاصة.
وتطرق الخبير الجزائري إلى واقع البنوك الجزائرية التي رغم نشاطها الحالي، إلا أنه مازال يرى أن مستوى نشاطها لم يرتق بعد على المستوى المطلوب.
ويرى الأستاذ إلمان أن فضيحة الخليفة تعد السبب المباشر لتراجع أداء البنوك الخاصة ومن ثم إلى انقراضها.
ووقف على الأسباب التي عجلت باختفاء هذه البنوك الخاصة من بينها ما وصفه بالمال غير القانوني إلى جانب تعديل رأسمال الأدنى سنة 2004، حيث تم رفعه من 500 مليون دينار إلى 1500 مليون دينار، حيث أشار إلى أن هذا التعديل رفضته بعض البنوك الخاصة المختفية في الوقت الراهن، وقررت التوقف عن النشاط وتمت تصفيتها ومن بينها أركو بن ومونا بنك، ومدترنيان بنك أما ريان بنك قال إنه البنك الأجنبي الوحيد الذي انسحب من السوق المصرفية الجزائرية بسبب رفضه رفع رأسماله، وخلص البرفسور في هذا المقام يقول إن البنوك الخاصة ذات الأغلبية الأجنبية اختفت في سنة 2006،
وبخصوص تلميحه إلى وجود إرادة في العناية وتفعيل نشاط البنوك العمومية قال مازال فتح راسمال البنوك العمومية منتظرا مستقبلا عقب انفتاح النشاط المصرفي خلال عقد التسعينيات.
واشترط الخبير وأستاذ الاقتصاد سلسلة من الخطوات حتى يتسنى لنا السير في رواق الإصلاحات المصرفية الفعلية والتحضير من أجل فتح رأسمال البنوك على غرار مراجعة التشريعات المنظمة للمنظومة المصرفية وتكوين الاطارات في التسيير على جانب الإعلام المصرفي وتجسيد نظام الرقابة الداخلي على جيع المؤسسات المصرفية، وذهب الدكتور إلمان إلى التأكيد أن التراجع عن فتح الرأسمال العمومي ليس مشكلا تقنيا وقال إنه له انعكاسات على مسار الإصلاحات المصرفية.
وتأسف الخبير إلمان كون التنظيم المخصص لفرض الرقابة الداخلية على المؤسسات المصرفية موجود منذ سنة 2002، غير أنه لم يطبق إلا في سنة 2010، عقب صدور قانون يفرض ذلك وصارت البنوك مجبرة قانونا على تطبيقه.
ويعتقد البرفسور وأستاذ الاقتصاد محمد الشريف إلمان أن البنوك الجزائرية توجد في راحة مالية جيدة رغم ثقل قروض المؤسسات العمومية.