صورة نمطية تتكرر بالأحياء والمدن.. المواطن يستغيث
أطنان الأوساخ تعكس تعاليم شهر الصيام
عرفت ولاية معسكر، خلال السنتين الأخيرتين، تدهورا كبيرا في المجال البيئي من خلال تنامي ظاهرة تراكم النفايات المنزلية عبر الأحياء و شبكة الطرقات نتيجة للرمي العشوائي للقمامة و عجز البلديات عن السيطرة على الوضع البيئي العام بتحميل المؤسسة العمومية لرفع النفايات المنزلية مسؤولية الملف الذي استنفذ التكفل به ميزانية البلديات .
و تعود ظاهرة انتشار أكوام القمامة المنزلية في كل مكان خلال الشهر الكريم لتصبح حديث العام و الخاص بولاية معسكر ،لتذكر مصالح ولاية معسكر في أرجاعها الظاهرة و الخفية بعد تفجر الوضع داخل المؤسسة العمومية لرفع النفايات المنزلية .
انتشار مقلق للنفايات المنزلية بأحياء معسكر
أخذت ظاهرة الانتشار المقلق للأوساخ و القاذورات بأحياء و شوارع مختلف مدن معسكر أبعادا غير مشرفة ، بعد أن تحولت الطرقات و الساحات العمومية إلى مكبات عشوائية للنفايات ، حيث يشتكي سكان الولاية ببلدياتها كاملة تردي الوضع البيئي و تحول مشكل النظافة إلى هاجس يؤرق يومياتهم و يشكل أحد أهم مخاوفهم من انتشار الأوبئة و الأمراض لاسيما مع اعتدال الطقس و ارتفاع درجات الحرارة ، في شهر يعرف عنه أنه موسم يزداد فيه الاستهلاك.
وترتفع فيه كميات النفايات المنزلية فيتصاعد معه القلق من انتشار الأمراض و الأوبئة المتنقلة عن طريق الحشرات و الحيوانات بالنظر لسوابق المنطقة في هذا الشأن على غرار الحشرات الغريبة ببلدية تيغينف التي ظهرت الصائفة الماضية نتيجة انتشار الأوساخ جالبة معها مرضا جلديا أكثر غرابة و استدعى أمرها فتح وزارة الصحة لتحقيق في القضية مع رفع درجات الحذر و الخطر .
و أمام هذا الوضع و مخافة من تكرره تظهر العديد من الاتهامات القديمة – الجديدة التي تتبادلها مصالح البلديات مع المؤسسة العمومية لرفع النفايات المنزلية أو قد يلقي كلا الطرفين بمسؤوليته على المواطن دون أن يعثر هؤلاء الشركاء الفاعلين في معادلة نظافة البيئة و المحيط على حل يرضي الجميع ، لكن على ما يبدو فمشكل النظافة بولاية معسكر ليس بسيطا لدرجة يمكنه أن ينتهي عند تقاسم المهام أو حتى تنظيم حملات تطوعية للنظافة و رفع النفايات المنزلية و التخلص منها ، بل يستوجب استئصال المشاكل الحقيقية التي تسبب فيها التسيير العشوائي لملف النفايات المنزلية نهائيا و عدم الاكتفاء بالمعالجة الشكلية و السطحية للملف .
100 طن من القمامة المنزلية ترفع يوميا من معسكر لوحدها
دق سكان المحمدية ناقوس الخطر بسبب الانتشار المقلق للنفايات و تراكمها وسط أحياء كبرى دوائر ولاية معسكر ، حيث صارت أكوام الأطنان من النفايات المنزلية المشهد الوحيد الذي يصور الحياة في حي 30 مسكن و حي 128 مسكن بالمحمدية هذا زيادة على تدفق المياه القذرة في طرقات هذه الأحياء نتيجة أعطاب في شبكة الصرف الصحي .
نفس المشكل يعاني منه سكان تيغينف و سكان سيق القريبة من المحمدية و التي يعد وضعها أكثر تعقيدا من الناحية البيئية فهذه المدينة الصناعية الرائدة في تحويل الزيتون زيادة إلى مجالات صناعية أخرى لا تتوفر على محطة لمعالجة المياه القذرة زيادة على اهتراء شبكة الصرف الصحي بمدينة سيق نتيجة تسرب المخلفات الصناعية السامة داخل الشبكة ليزيد انتشار الفضلات و أكوام النفايات الوضع تعقيدا حيث صار سكان سيق يتجنبون فتح نوافذ بيوتهم لتفادي انبعاثات الروائح الكريهة الناتجة عن انسداد قنوات الصرف الصحي أو القادمة من النفايات المنزلية المتراكمة .
أما بعاصمة الولاية فيكاد الوضع ينحرف عن إطاره البيئي بعد أن شكل انتشار النفايات و تأخر رفعها مسألة هدد سكان أحياء المنطقة الثامنة و التاسعة و بابا علي بالخروج إلى الشارع احتجاجا عنها ، أين قال أحد سكان مدينة معسكر أنه غالبا ما يطلق الشباب حملات تطوعية للنظافة لكن المعضلة تكمن بعد تجميع كميات كبيرة من النفايات و لا يجد هؤلاء المتطوعين سبيلا لرفعها موضحا أن مؤسسة النظافة العمومية قد وحدت مواعيد رفع النفايات لكن كثيرا ما تتخلف عن هذه المواعيد.
و لا تجد هذه المؤسسة حسب المتحدث أي حجة لتبرير فشلها سوى بإلقاء المسؤولية على المواطن ، و قال آخر أن شاحنات رفع القمامة تغيب عن عملية رفع النفايات لمدة تزيد عن أسبوع مشيرا أن جميع سكان معسكر يعرفون مشاكل ملف النظافة و يقدرون جهود عمال النظافة خاصة لكن الوضع على حد قوله لم يعد يحتمل خاصة مع قدوم موسم الحرارة و احتمال كبير لاستفحال ظاهرة تراكم الأوساخ و النفايات و انتشار الأوبئة ما يهدد الصحة العمومية
مخطط استعجالي للتحكم في الوضع البيئي
فشلت السلطات المحلية لمعسكر في إيجاد حلول نهائية لملف النظافة الذي تتولاه مؤسسة ولائية عمومية، توالى على رئاسة مجلس إدارتها ثلاث ولاة آخرهم الوالي الحالي محمد لبقى الذي أحدث نوع من التغيير في إدارة المؤسسة ،دون أن يكون لهذا التغيير الأثر الملموس على الجانب البيئي على الأقل في المدى المتوسط ، فبعد أشهر من إعادة هيكلة مؤسسة رفع النفايات المنزلية مازال محمد لبقى كباقي سكان ولاية معسكر غير راض عن ملف البيئة ، أمام اتساع مجال احتجاج و تذمر المواطنين من انتشار الأوساخ و القمامات داخل الأحياء و الطرقات الرئيسية و مقرات الهيئات العمومية و الإدارية.
و كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العمومية لرفع النفايات المنزلية – والي معسكر محمد لبقى- قد أمر بإطلاق مخطط استعجالي للنظافة و تركيز الجهود لاستقبال موسم الصيف و شهر رمضان المعظم بدون مشاكل بيئية و الحيلولة دون انتشار الأمراض و الأوبئة ذات العلاقة بانتشار الأوساخ و تلوث المحيط ، لاسيما من جانب تسيير النفايات المنزلية و تنظيف الأحياء و أقبية العمارات التي يُلقى العبء الأكبر منها على المؤسسة العمومية لرفع و تسيير النفايات المنزلية .
و كانت بداية تنفيذ هذا المخطط الاستعجالي من قرار المسؤول التنفيذي إنقاذ هذه المؤسسة من شبح الإفلاس بتخليصها من ديونها العالقة و بعض النفقات غير الضرورية لمناصب شغل مباشرة قدرت بـ143 منصب شغل غير ضروري فُتح بطرق غير قانونية و تقدر أجرة بعض هذه المناصب بـ 150 ألف دينار شهريا ، عموما تحسب على الوافد الجديد على رأس ولاية معسكر محمد لبقى خطوة جريئة لإعادة المؤسسة العمومية للنفايات إلى سكتها الصحيحة رغم أن هذه المؤسسة مازالت عاجزة عن تأدية مهامها على أكمل وجه بسبب اهتراء عتادتها و وسائل رفع القمامة أو لأن ورم سوء التسيير مازال ينخر مواردها .
و تحصي المؤسسة العمومية لرفع و تسيير النفايات المنزلية بمعسكر نحو 219 شاحنة لرفع القمامة طالت الأعطاب نحو 80 شاحنة منها لم تعد صالحة للخدمة ناهيك عن الأعطاب المفاجئة التي تطال عتاد المؤسسة بسبب عدم خضوعه للصيانة الدورية و عزوف الممونين بقطع الغيار عن توفير قطع الغيار اللازمة للصيانة نتيجة عدم تلقيهم لمستحقاتهم المالية –نتيجة – الأزمة المالية التي مازالت تعصف بالمؤسسة هذا زيادة على التزام المؤسسة بتوفير خدمات رفع النفايات المنزلية لـ47 بلدية بوسائل و إمكانيات تكاد تنعدم دون ذكر تحمل عمالها البسطاء من شريحة عمال النظافة العمل اليومي بدون أجور لفترات تزيد عن شهرين و بعقود مؤقتة تم تقليصها إلى 3 أشهر –إجحافا في حقهم ، في مشهد يوحي أن سوء التسيير الذي كاد يعصف بالمؤسسة العمومية للنظافة يكاد اليوم أن يتسبب أيضا في إغراق مدن معسكر و أحيائها في القمامة ،
المؤسسة العمومية للنظافة تستنجد بالخواص لرفع النفايات المنزلية
عن ذلك كله يقول المدير العام لمؤسسة النظافة سلطاني محمد أنه تم تسجيل ارتفاع في كمية النفايات المنزلية المنتجة خلال شهر رمضان و ذلك حسب خصوصية الشهر الذي تزداد فيه سلوكات التبذير و الاستهلاك الكبير .
و أوضح المسؤول أن المؤسسة توصلت إلى التعاقد مع 4 متعاملين خواص من أجل التكفل بملف نظافة الأحياء و رفع القمامة المنزلية ، و ذلك بسبب العجز الذي تسجله المؤسسة في مجال خدمات رفع القمامة نتيجة الأعطاب التي طالت 80 شاحنة .
و أردف محمد الامين سلطاني يقول أن مدينة معسكر تعتبر كبرى دوائر الولاية من حيث الكثافة السكانية و تنتج يوميا نحو 100 طن من النفايات المنزلية و عليه تم التفكير في دعم عملية رفع النفايات بتخصيص 7 شاحنات للخواص عبر 12 قطاع بمدينة معسكر تسير 12 حافلة حاليا نفاياته على أن يتم لاحقا تدعيم عملية رفع النفايات المنزلية بدوائر المحمدية و سيق بشاحنات الخواص.