لم يخف نواب المجلس الشعبي الوطني الذين تكلموا أمس، وعلى غير العادة بلسان واحد موالاة ومعارضة، لتوجيه انتقادات شديدة للنظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، ولعل ما أثار استياءهم إقرار عقوبات صارمة على المتغيبين عن الجلسات، ظاهرة سلبية بلغت ذروتها في نهاية الفترة التشريعية المنقضية، غير أن رئيس المجلس السعيد بوحجة رفض أي انتقاد يوجه الى أحكام الدستور، والتزم بإيجاد حل للمادة 69.
سيطر الغضب أمس على نواب المجلس الشعبي الوطني، الذين انتقدوا بشدة النظام الداخلي للغرفة البرلمانية، لاسيما فيما تعلّق بإقرار عقوبات صارمة عليهم في حال الغيابات المتكررة غير المبررة، وكانت النتيجة أن النواب عن أحزاب الموالاة والمعارضة تحدثوا بلسان واحد رافضين العقوبات، التي اعتبروها تضييقا على حرياتهم، كما انتقوا الاعلام بشدة لتسليطه الضوء على الغيابات.
الجلسة العلنية المبرمجة أمس والتي سجلت أزيد من 100 متدخل، بدورها لم تسجل حضورا كبيرا لممثلي الشعب، لكن عددهم تجاوز بقليل عدد الذين حضروا الجلسة المبرمجة في اليوم السابق والمخصصة لعرض ومناقشة القانون المتعلق بالقضاء العسكري، غير أن عدم حضورهم لم يثنيهم عن انتقاد الاجراءات العقابية، مفردين بذلك أكبر حيز من تدخلاتهم للغيابات منتقدين ظروف عملهم والأجور وكذا جوازات السفر الدبلوماسية.
وذهب النائب لخضر نعوم في هذا الاتجاه، مبديا تحفظاته لاسيما فيما تعلّق بالصيغة التي جاء فيها مثلا كلمة «يحرم» النائب، وكذا الاقتطاع من الأجور لأن النواب ليسوا تجار حسبه، وقال ناصر حدادوش عن حركة مجتمع السلم بأنه لا يوجد انسجام بين نصّ النظام الداخلي والدستور.
وفي السياق، أكد النائب لخضر بن خلاف عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، بأن التعديل يأتي بعد 18 سنة من اعتماده، وكان الأجدر ـ حسبه ـ سدّ الثغرات من خلال التجربة المكتسبة ومن خلال تطبيق المادة 114 من حقوق المعارضة التي تضمنها دستور 2016، التي تمكنها من المشاركة الفعلية في الأشغال البرلمانية والحياة السياسية، التي تمّ تغييبها، حسبه.
كما سجل بن خلاف التراجع الواضح عن الاجراءات التي تخص الأسئلة الشفوية والكتابية، وكذا التواجد في هياكل المجلس ومراقبة عمل الحكومة، كما انتقد اقصاء المعارضة من التواجد في الهياكل. أما فيما يخص الغيابات أقر بأن «الغياب الدائم للنواب المعنيين أوصلنا الى ما نحن عليه، دون احترام لا للعهدة البرلمانية، ولا العقد الذي يربط النائب بمن انتخبه».
من جهته النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي محمد قيجي، اعتبر بأن معالجة ظاهرة غياب النواب، ينبغي أن تعالج على مستوى الأحزاب وليس على مستوى البرلمان، كما اقترح في سياق آخر تقليص عدد نواب الرئيس، فيما وصف النائب يحيى بنين عن حركة مجتمع السلم القانون بـ «المعاقب» و»الموبخ» الذي لم يولي أي أهمية للبرلماني.
وقد اختزل نواب المجلس الشعبي الوطني مداخلاتهم حول نظام القانون الداخلي، في المادة 69 التي أقرت عقوبات صارمة في حال الغيابات غير المبررة، تصل الى الخصم من التعويضات والحرمان من الترشح لمنصب في أجهزة المجلس.
وتنص المادة بعينها على ما يلي: «إذا غاب النائب عن أشغال اللجان الدائمة، أو الجلسات العامة لثلاث مرات متتالية خلال الدورة، دون عذر مقبول، يقع تحت طائلة العقوبات الآتية: يوجه اليه تنبيه كتابي، وتدون أسماء النواب الغائبين عن أشغال اللجان الدائمة في محاضر اجتماعات اللجان اللجنة وتبلغ نسخ من ورقة حضور أعضاء اللجنة الى كل من نائب الرئيس المكلف بشؤون التشريع، ورؤساء المجموعات البرلمانية، والمصالح الإدارية المختصة».
كما تنصّ المادة على خصم مبلغ مالي من التعويضة البرلمانية التي يتقاضاها النائب، بعدد الأيام التي غاب فيها عن أشغال اللجان الدائمة، وأشغال الجلسات العامة، واذا تكرّر الغياب 3 مرات متتالية أخرى خلال الدورة نفسها دون عذر مقبول، يحرم من الترشح لأي منصب في أجهزة المجلس بعنوان التجديد المقبل، ويمكن للنائب الغائب دون اشعار كتابي مسبق، أن يقدم كتابيا مبررات غيابه الى رئيس المجلس، أو رئيس اللجنة الدائمة حسب الحالة.