محاكمة المدانون في قضايا تتعلق بأمن الدولة أمام المحاكم المدنية
أكدوزير العلاقات مع البرلمان محجوب بدة، أن مشروع القانون المتعلق بالقضاء العسكري، يأتي تماشيا مع تطور المنظومة التشريعية، والتطورات التي أقرها رئيس الجمهورية، استكمالا للإصلاحات السياسية، التي ساهمت في تعزيز أسس الحكم الراشد، ودولة القانون، ولعلّ أبرز ما تضمنه التقاضي على درجتين واستحداث مجالس استئناف عسكرية واحداث غرف اتهام تابعة لها، ومحاكمة المدانون في قضايا تتعلق بأمن الدولة أمام المحاكم المدنية.
ذكر بدة لدى عرض مشروع القانون المتعلق بالقضاء أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، قدمه نيابة عنه وزير العلاقات مع البرلمان محجوب بدة، بأن التعديل أصبح حتمي بتحسين أحكامه لمنح كل الضمانات للمحاكمة العسكرية، باعتبار القضاء العسكري جهة قضائية متخصّصة.
كما حرص الفريق أحمد ڤايد صالح على التوضيح، بأن تقنين المشروع يأتي تماشيا مع تطور المنظومة التشريعية والتطورات التي أقرها رئيس الجمهورية، استكمالا للإصلاحات السياسية التي ساهمت في تعزيز أسس الحكم الراشد، وأسس دولة القانون، لافتا الى أنه يهدف الى تكريس حق المتقاضين في محاكمة عادلة، وتجسيد قاعدة التقاضي على درجتين، وفق ما تنص عليه المادة 160 من دستور العام 2016.
وإلى ذلك، فإنه من بين أهداف المبادرة بمشروع قانون يعدل ويتمم الأمر رقم 71ـ28 المؤرخ في 22 أفريل من سنة 1971، التطابق مع قوانين الجمهورية، وقد جاء مشروع القانون بإصلاحات جادة ـ أضاف يقول ـ مع العلم أن التعديلات شملت 154 مادة، 130 من حيث المضمون و 24 من حيث الشكل، وقد تم ادراج 26 مادة جديدة وإلغاء 12 مادة.
ولدى تفصيله في محاور التعديلات، أشار إلى تنظيم واختصاص الجهات العسكرية، واستحداث مجلس استئناف عسكري لدى كل ناحية عسكرية تختص بالنظر في الطعون بالاستئناف المرفوعة ضد أحكام المحاكم العسكرية، كما تم احداث غرف الاتهام لدى مجالس الاستئناف تختص بالبت في موضوع الاستئنافات والعرائض والطلبات، التي قد ترفع إليها في مرحلة التحقيق، ونقل اختصاص جرائم أمن الدولة من الجهات العسكرية إلى القانون العام، ووضع قضاة مدنيين.
الخضوع لرقابة المحكمة العليا باعتبارها تختص بالنظر في الطعون بالنقض
القضاء العسكري، وان كان جزء لا يتجزأ من القضاء الوطني، إلا أنه يحمل ميزة تجعله يتميز عن القضاء العادي، سجل قفزة أخرى لا تقل أهمية كرّستها الاصلاحات العميقة التي انتهجتها الجزائر لتعزيز منظومتها القانونية في مجال ترقية حقوق الانسان، وتماشيا مع الدستور، الذي كرّس مبدأ التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية، لكنه يبقى خاضعا لرقابة المحكمة العليا باعتبارها محكمة قانون تختص بالنظر في الطعون بالنقض المرفوعة ضد الأحكام النهائية الصادرة عن المحاكم العسكرية والقرارات الصادرة عن مجالس الاستئناف العسكرية.
من أبرز الايجابيات التي وردت فيه، تأكيد الضمانات القانونية الممنوحة للمتهم، لا سيما حقه في الدفاع المكرّس في المادتين 169 و170 من الدستور، والتي تقضي بأن الحق في الدفاع معترف به، وأنه مضمون في القضايا الجزائية، كما أحال مسألة رد الاعتبار القانوني والقضائي للأشخاص المحكوم عليهم من قبل الجهات القضائية العسكرية، على أحكام قانون الاجراءات الجزائية، بحيث يتم طلب رد الاعتبار بمجرد توجيه عريضة إلى الوكيل العسكري للجمهورية.
قبل ذلك ذكر بأن القضاء العسكري كان استثنائيا، إلى حين صدور القانون رقم 64ـ242 المتضمن انشاء محاكم عسكرية دائمة، الذي تم الغاؤه بموجب القانون الساري الصادر في العام 1971 والمتضمن قانون القضاء العسكري الذي كرس مبدأ شرعية الاجراءات القضائية، باعتماده لقواعد قانون الاجراءات الجزائية، مكرسا قفزة نوعية، تماشيا مع المستجدات عبر مسار البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
خلال الرد، أكد في معرض رده على انشغالات النواب، بأن للقضاء العسكري طابع خاص وليس استثنائي، يتماشى مع توجه العدالة الجزائرية التي تراهن على التخصّص، ولعلّ ما يؤكد هذ الطرح استحداث أقطاب قضائية متخصّصة، كما أشار إلى أن الاستعانة بمدافع مدني متاحة أمام المتقاضي، إلا أن المدافع العسكري يكون في موقع أقوى، كونه على اطلاع بالقطاع، أما بخصوص مخالفة التعليمات العسكرية، فإنها تكون محل متابعة جزائية، استثناء البعض منها المتعلقة بالوثائق والوسائل مثلا، أما بخصوص توسيع صفة الضبطية القضائية ينسجم مع قانون الاجراءات الجزائية ويكرس المهنية.