اعتبرت السيدة أمينة دباش، الرئيسة المديرة العامة لجريدة "الشعب"، أن حرية التعبير في الجزائر موجودة، وأن الجانب التجاري طغى كثيرا على بعض العناوين وغلب عليها أسلوب الإثارة، عكس ما تتسم به "الشعب" التي ماتزال محافظة على خطها الافتتاحي المتمسك بأخلاقيات مهنة الصحافة، مؤكدة أن اليومية كسّرت "الطابو" ونشرت روبورتاجات حرّكت المسؤولين وحتى الوزراء.
وأضافت دباش، في حوار أجرته معها مجلة "الحوار" الشهرية، أن الاختلاف في الرأي لا يمكن فصله عن مبدأ أخلاقيات مهنة الصحافة، موضحة أن حرية التعبير لا يعني السب والقذف والحديث عن الحياة الشخصية للأفراد، متأسفة لوجود جرائد لا تواكب التطورات "فهم في واد والجزائر في واد آخر"، مشيرة إلى أن الإعلام الغربي طائع لأصحاب المال.
وفي معرض حديثها عن الإعلام الورقي، قالت إن مصيره صعب وغامض في ظل انتشار القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، لكنها ترى في نفس الوقت أنه لن يزول، مستشهدة بالانترنت التي لم تصل الجزائر إلا بعد 20 سنة من ظهورها في العالم، إلى جانب أن المنشورات والتلفزيون لم يزيحا الإذاعة والسينما والكاريكاتير والرسامين، لذا ـ حسبها ـ لا خوف نسبيا على الصحافة الورقية من الصحافة الإلكترونية والقنوات الفضائية، مضيفة أن القنوات الجزائرية الخاصة التي ظهرت مؤخرا ملزمة بتنظيم نفسها حسب القانون الجزائري الواضح في هذا الشأن وسلطة ضبط السمعي البصري.
وفي ردها عن سؤال حول مكانة المرأة الإعلامية الجزائرية، ذكرت دباش أن المرأة الجزائرية قطعت أشواطا كبيرة وملحوظة في الإعلام، مستدلة بما عايشته أثناء عملها في الإذاعة والتلفزيون، حيث كان عدد الصحفيات أكبر من الصحفيين وهو يتزايد سنة بعد سنة، معتبرة أن وضع المرأة في الجزائر يدعو للافتخار بدليل أن راتبها هو نفس راتب الرجل عكس ماهو موجود في الدول الغربية، هذا إلى جانب منح نسبة 30 بالمئة للمرأة في المجالس المنتخبة وتبوئها مناصب محترمة، وهي كلها مكاسب كبيرة واعتراف بدورها الكبير في المجتمع وجميع القطاعات بما فيها الإعلام.
وعن التحاقها بإدارة جريدة "الشعب"، كشفت دباش أنه عندما استدعيت لتسيير اليومية قبلت دون أدنى تردد، لأنها ـ كما قالت ـ رمز من رموز الجزائر ورهان يستحيل تركه يسقط، بل يستوجب رفعه وإبقاؤه عاليا، موضحة أن أول ما قامت به بعد تعيينها مديرة للجريدة التطهير المالي والإداري وتسوية وضعية كل العمال ماليا وإداريا وتسديد ديون "الشعب"، مشيرة إلى أنها لم تبال لاعتراض بعض الأشخاص داخل وخارج الجريدة على تسوية وضعية العمال، بل واصلت عملها دون تراجع، مشيرة إلى وجود علاقة جيدة بين الإدارة والنقابة حيث يتم تنظيم اجتماعات يومية بموجب الاتفاقية الجماعية والقانون الداخلي.
أما فيما يخص الإشهار بجريدة "الشعب"، فأوضحت مديرة إذاعة متيجة و"كنال الجيري" سابقا، أنه في السنتين الأخيرتين تقلص عدد الصفحات الإشهارية بنسبة 70 بالمئة، وذلك موازاة مع سياسة ترشيد النفقات، مؤكدة أن الجرائد العمومية الست، لديها دعم غير مباشر من الدولة وليس مباشر كما يعتقد البعض، وعليه ـ تقول دباش ـ إذا تقلصت عدد الصفحات فإن الميزانية المالية للجريدة تتأثر سلبا بشكل مباشر، لاسيما أن رواتب العمال مرتفعة وهذا ما يفسر غياب التوظيف، معتبرة أن نسبة الإشهار العمومي في الصحف العمومية لا تتجاوز 7 بالمئة أما البقية فتذهب لـ160 جريدة خاصة، كاشفة أن السعر المرجعي لصفحة الإشهار يعود لسنة 2010 ولم يتم تحيينه حتى الآن.
ودعت دباش في الأخير الإعلاميين إلى تنظيم أنفسهم خدمة لقطاع الإعلام والوطن "فالصحافة مسؤولية وكل اختلاف يجب أن يصب في المصلحة العليا للبلاد.. الجزائر مستهدفة لهذا كل إعلامي يجب أن يعد نفسه جنديا في سبيل وطنه". ونصحت دباش الصحافيين الشباب بتبادل الاحترام فيما بينهم مثلما كان عليه الحال في السابق، حيث يلتقي الصحفي "المعرب والمفرنس" في أجواء أخوية، ما جعلهم يقطعون أشواطا مهمة صنعت لهم اسما، مؤكدة أن العمل الميداني والتطبيقي هو الحل لرفع مستوى الصحفيين وخريجي كليات الإعلام بالجامعة.