طباعة هذه الصفحة

رافع لمشروع قانون الصّحة، حسبلاوي:

لا تراجع عن مجانية العلاج وإجبارية الخدمة المدنية

فريال بوشوية

إمكانية تفويض مهمة الخدمة العمومية للصّحة لصالح الهياكل الخاصة

اعتبر وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مختار حسبلاوي، مشروع القانون المتعلق بالصّحة «مشروعا توافقيا»، ولعلّ أهم رسالة مرّرها لدى عرضه، أمس، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، تأكيد مجانية العلاج، وكذا الطابع الإجباري للخدمة المدنية، على أن تتولى الدولة توفير كل الشروط والوسائل الضرورية.
الجلسة العلنية للمجلس الشعبي الوطني المبرمجة، أمس، والتي ترأسها رئيس المجلس السعيد بوحجة، لم تكن استثنائية، لكنها كانت لافتة، كون الأمر يتعلق بمشروع قانون الصحة الذي تم ايداعه، نهاية العام 2016، إلا أنه لم يعرض ولم يناقش وتم تأجيله، ليعرض، أمس، من قبل الوزير مختار حسبلاوي، في قاعة سجلت حضورا مميزا، مقارنة بالجلسات السابقة التي تسجل عادة غيابا لافتا لممثلي الشعب.
حرص الوزير في بداية كلمته، على لفت النظر الى أن «التغيرات العميقة التي مسّت كافة نشاطات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أثبتت محدودية القانون المؤرخ في 16 فيفري 1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها»، وأكثر من ذلك بات «يشكل عائقا حقيقيا يحول دون تمكين المنظومة الصحية من تحقيق أهداف التغيير المسطرة والمرجوة»، وفق ما جزم به الوزير.
 رافع ذات المسؤول لمشروع القانون، على اعتبار أنه يكرّس التزامات الجزائر «بمجانية الخدمات الصحية، وتلك المتعلقة بحماية الأسرة، وضمان صحة المواطنين الذين هم في وضعية استحالة القيام بعمل»، كما أن الجزائر حرصت من خلاله على تكريس مبدأ الحق في الصحة كحق أساسي للإنسان، مبدأ مكرس في الدستور، الذي يؤكد «بوضوح التزام الدولة بضمان الحق في حماية صحية لكل المواطنين، وضمان الوقاية ومكافحة الأمراض الوبائية والمتوطنة».
القانون الذي يجسد الإصلاحات التي بادرت بها الدولة في القطاع، يراعي مبادئ جوهرية يأتي في مقدمتها مجانية العلاجات، التي تشكل، بحسب الوزير «مكسبا أساسيا للمواطن يجب الحفاظ عليه، عملا بالتزامات رئيس الجمهورية»، ويضاف الى ذلك «ضمان حصول كل المواطنين على العلاجات من طرف الدولة، وكذا ضمان «كل حقوق المريض على جميع الأصعدة وفي كل الحالات».
 استنادا إلى الوزير حسبلاوي، فإن القانون يراعي «تقليص الفوارق بين المناطق في مجال الحصول على الخدمات الصحية، عن طريق توزيع عادل للموارد البشرية والمادية، وفق ما تقتضيه الاحتياجات الصحية الحقيقية للمواطنين»، كما يكرّس «حق المواطن في إعلامه بحالته الصحية، والحق في الحصول على طبيب مرجعي عام من القطاع العام أو الخاص»، وكذا حيازة ملف طبي موّحد، وبالمقابل يلزم المرضى وأقاربهم باحترام مهنيي الصحة، وبالابتعاد عن كافة أشكال العنف.
الخدمة المدنية التي كانت محل جدال كبير، حسم القانون في صيغته الجديدة في طابعها الاجباري، الذي لم يكن محل مراجعة أو تغيير، وذلك من أجل تقليص الفوارق في مجال الحصول على الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، في المناطق ذات التغطية الصحية الضعيفة، وذلك تجسيدا للدور الاجتماعي للدولة التي تضمن الحصول على الحقوق الأساسية المكرّسة على أساس التضامن الوطني.

وضع آليات التعاقد بين المؤسسات العمومية للصّحة لتنويع التمويل

يعوّل على القانون في «ارساء مبدأ التكامل الفعلي بين القطاعين العام والخاص للصحة، في اطار منظومة صحية شاملة»، مبدأ لم يرق للمعارضة التي انتقدته بشدة على لسان نوابها، الذين عبروا عن رفضهم للمسألة، وفيما يخص شق التمويل، أوضح الوزير أنه لا يمكن أن يقتصر على الدولة في المرحلة الراهنة، ويقتضي ايجاد آليات أخرى لتنويع مصادر التمويل، دون المساس بالمجانية.
 من بين الآليات الجديدة التي يقترحها مشروع نص القانون، «وضع آليات التعاقد بين المؤسسات العمومية للصحة، ومختلف الجهات الممولة بينها صناديق التأمينات الاجتماعية والاقتصادية، والتعاضديات، على أن تحدد الخريطة الصحية التي تشكل المخطط التوجيهي للصّحة، «مقاييس التغطية الصحية والوسائل الواجب تعبئتها، لضمان توزيع عادل للعلاجات الصحية.
كما تم ادراج مخطط التنظيم الصحي، ومسار المريض وتسلسل علاجه، وسيتم بموجبه «استحداث مؤسسة الاعانة الطبية المستعجلة، التي توكل لها مهمة تنظيم وتوسيع شبكة الاعانة الطبية المستعجلة بكل الولايات»، كما يكرس «الاستشفاء والعلاج في المنزل»، وارساء «شبكات العلاج المتخصّصة، مع تأسيس مبدأ التعاون والتكامل بين المؤسسات العمومية، وبينها وبين المؤسسات الخاصة، وفق دفتر شروط يضمن مجانية العلاج».
وفتح القانون الجديد، في حال افتك تأشيرة القبول من قبل النواب في جلسة المصادقة المقررة، يوم 30 أفريل الجاري، «امكانية تفويض مهمة الخدمة العمومية للصحة لصالح الهياكل الخاصة للصحة، وذلك على أساس دفتر شروط يضمن الشفافية وحصول المريض على الخدمات في اطار الدفع عن الغير»، كما أدرج قانون أساسي جديد للمؤسسات العمومية للصحة يكرس تسييرا مرنا، من خلال تسيير خاص بطابع صحي.

بوحجة: الدولة حريصة على بناء منظومة صحّية متطورة ومتوازنة

نبّه رئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة الى أن الدولة تراعي من خلال نص القانون «بناء منظومة صحية متطورة ومتوازنة»، وكذا الاستجابة لآمال المواطن، والتجاوب مع انشغالات مهنيي الصحة في توفير اطار مهني ملائم، جازما بأن «»الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية، شملت مراجعة التنظيم والتشريع المتعلقين بالصحة والسكان، وبناء الهياكل والمنشآت تكرس قناعاته».
أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، في كلمة مقتضبة ألقاها، أمس، لدى ترؤسه أشغال الجلسة العلنية المخصّصة، لعرض ومناقشة مشروع القانون المتعلق بالصّحة، أهمية الأخير وهذا «بالنظر إلى المكانة والأولوية التي تشكلها المنظومة الصحية في بلادنا»، سواء ـ أضاف يقول ـ «من حيث حضورها القوي في نظام القيم السياسية، أو من حيث تصدّرها السياسات العامة للدولة الجزائرية».
 ذكر بوحجة، بأن النظام الصحي في الجزائر طالما بني على مكاسب حقيقية، بينها مجانية العلاج، والوقاية الصّحية، والصّحة الجوارية، وطب العمل والصّحة المدرسية، والصّحة الرياضية والعسكرية، وبناء هياكل متخصّصة، ما يضمن تغطية صّحية وحماية اجتماعية لكل الفئات، في كل ربوع الوطن.