انطلقت، نهاية الأسبوع، بولاية بومرداس تظاهرة شهر التراث، الممتدة على مدار شهر كامل من 18 أفريل إلى 18 ماي ككل سنة، حيث اختارت مديرية الثقافة أن تكون الانطلاقة من قصبة دلس التاريخية في محاولة لتمرير رسالة حول أهمية هذا الموقع الأثري التاريخي الذي يعاني الإهمال وينتظر تجسيد مشروع إعادة التهيئة والترميم، انطلاقا من مخطط حفظ واستصلاح التراث المحفوظ للقصبة الصادر بالجريدة الرسمية، شهر نوفمبر من سنة 2016.
ككل سنة تستقبل ولاية بومرداس تظاهرة شهر التراث بأشكاله المتعددة ما بين المادي واللامادي الذي يتم من خلاله تسطير برنامج ثقافي وفني متنوع يجوب أغلب بلديات الولاية في محاولة للتأكيد على أهمية هذا الموروث الوطني وضرورة الحفاظ عليه وصيانته ليستمر مع التاريخ إلى الأجيال القادمة، كأحد أهم المقومات والمكاسب التاريخية والحضارية التي عرفتها المنطقة على مرّ العصور، والعمل على ترقية باقي الفنون الأخرى التي تختزل جانب من الهوية الثقافية المحلية المشكلة من مزيج حضاري متماسك بما فيها أشكال التعبير والعادات والتقاليد المشتركة ومختلف صور وتحف الحرف اليدوية والصناعة التقليدية الراسخة التي لا تزال تكابد الزمن رغم الصعوبات والمخاطر التي تهددها نتيجة غياب المجايلة وضعف التكفل والاهتمام بمثل هذه الكنوز التاريخية التي حافظت على الهوية الوطنية وطبعت معالم الشخصية الوطنية والروح الإبداعية للمواطن الجزائري حتى بأبسط الأشياء.
ككل سنة تقريبا أيضا يقف الوفد الثقافي لمديرية الثقافة والسلطات المحلية على أطلال قصبة دلس ليس للبكاء على أطلال تحكي ظلم الإنسان ولكنها تحولت إلى مزار سنوي لإعلان انطلاق تظاهرة قد تمضي مثلما بدأت ولن تختلف عن سابقتها ما عدا بعض الفعاليات والأنشطة الفنية والثقافية وبعض المعارض التقليدية التي تحتضنها المراكز الثقافية رغم تأكيد بيان مديرية الثقافة «أن الهدف من تنظيم أسبوع ثقافي داخل حي القصبة العريق يهدف إلى إعادة الاعتبار للقصبة وتحقيق التفاتة جادة من قبل السلطات المحلية والولائية لهذا المعلم الحضاري»، وهي رسالة ثالثة أيضا تشير إلى حجم الإهمال الذي مارسته البلدية والتقاعس في اتخاذ مبادرات شجاعة لرد الاعتبار لهذا المعلم التاريخي والسياحي والاستثمار فيه كمورد اقتصادي هام باستغلال مختلف النصوص القانونية الصادرة لفائدة القصبة، منها القرار رقم 276 / 07 بدلا من تركه لحاله والمؤرخ في 18 سبتمبر 2007 المتعلق بالمرحلة الثالثة من المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ لقصبة دلس الذي يسمح بتنصيب الوكالة المحلية لحفظ التراث والإنطلاق في عملية الترميم وإعادة تهيئة أزيد من 250 بناية خاصة بعد ترميم المعالم التاريخية على غرار المدرسة القرآنية سيدي عمار، ضريح سيدي محمد الحرفي ومسجد الإصلاح وسط المدينة، في انتظار الالتفات إلى باقي المواقع التاريخية الهامة التي تزخر بها الولاية في هذا الجانب.