شهدت ولاية بومرداس طيلة العشريتين الماضيتين حركية تنموية وديناميكية مسّت مختلف القطاعات الحيوية بفضل المخططات الخماسية لبرنامج رئيس الجمهورية، خاصة مجال السكن والبنى التحتية في قطاع الأشغال العمومية رغم الصعوبات الكبيرة التي عاشتها الولاية بسبب الأزمة الأمنية، ومخلّفات زلزال 2003 التي ضاعفت من حجم التحديات وارتفاع نسبة الدعم المالي في الأغلفة الموجّهة لإعادة إسكان المتضررين وقاطني الشاليهات التي تعدّت 15 ألف شالي تشارف على المعالجة النهائية.
أخذ قطاع السكن بولاية بومرداس بمختلف صيغه وأنماطه حصة الأسد في اهتمامات الدولة والسلطات العمومية كأولوية أملتها الظروف، والهادفة إلى مسح آثار الأزمة الأمنية والزلزال المدمر الذي تسبب في خسائر كبيرة خاصة في المباني السكنية والبنى التحتية، فكان التركيز عبر خطة مزدوجة تتكون من شقين الأولى مستعجلة تركزت حول إعادة إسكان المنكوبين والتعويض عن الأضرار المادية للسكنات مباشرة بعد المحنة ثم تلتها مرحلة ثانية متواصلة مع الزمن، وتتعلق بالقضاء على ظاهرة الشاليهات وتفكيك أزيد من 15 ألف سكن جاهز «شالي» تم تنصيبها عبر 90 موقعا ببلديات بومرداس خصص لها آلاف الحصص السكنية الاجتماعية، كان آخرها يوم أمس في العملية رقم 25 من مراحل إعادة الإسكان التي شملت 600 عائلة قاطنة بالشاليهات والسكنات الهشة على مستوى عدد من أحياء بلدية بومرداس على غرار «عليليقية، الصابليار، الكرمة 1 وغيره.
في حين شمل الشطر الثاني من الخطة إعادة تثبيت سكان الريف والقرى بالمناطق التي ضربها الإرهاب وتسبب في نزوح عشرات العائلات إلى مراكز المدن بكل انعكاساته وضغوطه على البلديات المطالبة حينذاك بتوفير السكن والحاجيات الأساسية التي تضاعفت جراء ظاهرة الهجرة الداخلية، لذلك تمّ التركيز من خلال هذه الاستراتيجية على تخصيص إعانات مالية للعائلات في إطار صيغة السكن الريفي لإعادة بناء وتجديد سكناتهم، وتوفير مستلزمات التهيئة بإعادة فتح المرافق العمومية والصحية المغلقة تمهيدا للاستقرار مجدّدا، وملء مناطقهم نشاطا وبالأخص في المجال الفلاحي وتربية الحيوانات من أبقار وأغنام، وتوسيع مختلف الأنشطة التقليدية الأخرى المساهمة في تنمية الاقتصاد المحلي في إطار سياسة الدعم التي خصصتها الدولة لإنشاء مؤسسات مصغرة عبر أجهزة الدعم المحلية.
كما حظي قطاع الأشغال العمومية بولاية بومرداس بالكثير من الاهتمام عن طريق هذه البرامج التنموية التي سمحت بمد وتجديد شبكة الطرقات وفتح مسالك جبلية أخرى كانت إلى وقت قريب ممنوعة على المواطنين، وكان أهم مكسب للولاية والمنطقة الشرقية من العاصمة ككل هو فتح خط السكة الحديدية المكهرب بعد تجديده وعصرنته الرابط بين الثنية وبلدية وادي عيسي بتيزي وزو شهر افريل من سنة 2017 من قبل وزير النقل السابق بوجمعة طلعي الذي فتح آفاقا واسعة للرفع من نسبة التبادل التجاري، وتسهيل حركة المواطنين والمسافرين بعد معاناة طويلة مع النقل وكلف خزينة الدولة أزيد من 60 مليار دينار.
إلى جانب هذا عرف قطاع الري أيضا مكتسبات هامة من أجل القضاء على أزمة مياه الشرب بمختلف مناطق الولاية، حيث تدعّمت ولاية بومرداس بمشروع محطة تحلية المياه ببلدية رأس جنات التي دخلت حيز الخدمة سنة 2012 بطاقة إنتاج ومعالجة تصل إلى 100 ألف متر مكعب يوميا، وهو ما ساهم في تخصيص مشروع بقيمة 240 مليار سنتيم لتزويد أكثر من 150 قرية عبر بلديات الجنوب الشرقي منها تيمزريت، شعبة العامر، يسر، وأجزاء من برج منايل والناصرية التي عانت كثيرا من أزمة العطش، بالإضافة إلى بلديات الجهة الغربية من ولاية تيزي وزو، ومشاريع أخرى حيوية أبرزها المحطة الثانية لتوليد الكهرباء برأس جنات التي قاربت على الانتهاء والتسليم وعدة مشاريع ومرافق عمومية هامة مبرمجة في المخطط الخماسي الحالي الممتد حتى سنة 2019 لفائدة قطاع التربية والتعليم العالمي، الصحة والشباب والرياضة الذي شهد في الآونة الأخيرة تخصيص مشاريع لإنجاز ملاعب جوارية في الأحياء والقرى لفائدة الشباب وتوسيع عملية الربط بغاز المدينة الذي قارب نسبة 60 بالمائة، وكلّها مكتسبات تركت ارتياحا لدى المواطن وساهمت في تحسين الإطار المعيشي، والتخفيف من حدة المعاناة التي عانى منها سكان الولاية قبل عقود من الزمن.