طباعة هذه الصفحة

قصة

زوجة أبي الرائعة

بقلم: سوسي زهية من الجزائر العاصمة

 توفيت والدتي وأنا في الثانية عشر من عمري، مرّ عام على رحيلها، كرس أبي كل جهده كي يعوض غيابها فعل المستحيل للتخفيف عني، لكنه أدرك أنني احتاج لأم، فقرر الزواج مرة أخرى، كنت أرفض طبعا الفكرة فصديقتي ريم لها زوجة أب تضربها وتعاقبها في غياب والدها وتحبها وتدللها في حضوره . لم أكن أريد أن يحصل معي نفس الأمر، أردت أن أخبر والدي بما أشعر به،  لكن الخجل منعني وكيف لطفلة بعمري أن تتدخل بشؤون والدها، كنت متوترة والكثير من التساؤلات تشغلني: هل ستكون قاسية ؟ هل ستكرهني؟ هل سيفضلها والدي عني؟ وهل ستقنعه بأن يتخلى عني ؟ .. تم الزواج وبعد حضورها للمنزل لأول مرة كان استقبالا جافا من طرفي وحارا من طرفها بالقبل وعبارات الحب. طلبت مني أن نتحدث عن انفراد. قالت لي بالحرف الواحد: لست هنا كي آخد والدك منك أوأغيره ولست هنا كي أنسيه والدتك رحمها الله، فهي في قلبه وقلبك وحتى في قلبي، ولم أتزوج والدك كي أكون والدتك عنوة، إن لم تجدي فيَ أم صالحة فستجدينني بإذن الله رفيقة تعينك وصاحبة تؤانس وحدتك، وأخت تسعدك .. لا داعي للرسميات يمكنك أن تناديني باسمي «زينب «
وافقت بإشارة من رأسي لقد أعجبتني طريقتها في الكلام وطيبتها لكن أظن كل هذا مصطنع....
مرت الأيام وكانت تدعي أنها تحبني وبادلتها نفس الإدعاء، مرّ الشهر تلوى الآخر ولم تتغير مشاعرها، بل كانت تقترب مني أكثر، تحتويني بحبها وتعاملني كابنتها كنت أعلم أنها تفعل ذلك أمام أبي لا غير..
 وفي يوم، بينما كنت  نازلة في الدرج تعثرتُ وسقطت وقبل أن أكمل صرختي هرعت مسرعة إلي،  وصلت قبل والدي، حملتني وبدأت تربت على قدمي، طلبت من والدي اخذي للمستشفى، بعد أن أخبرها الدكتور أن قدمي كسرت رأيت دموعها فأدركت الحقيقة... زوجة أبي لم تكن الشريرة مثلما كنت أراها، لم تنزع اللقمة مني وتعطيها لأبناء الجيران، بل كانت تنزعها من لحمها وتعطيها لي. دللتني، أحبتني وجعلتني أشعر أني ابنة بطنها، علمتني وسهرت من أجلي.
اليوم هي حاضرة لتخرّجي فخورة بنجاحي وأنا أيضا فخورة بكونها أمي،  فالأم ليست فقط من تنجب، من تربي وتسهر وتضحي وتنشئ جيلا تلك هي الأم الحقيقية.
عانقتني وقالت: فخورة بك عزيزتي أدام الله تألقك ونجاحاتك عانقتها والدموع تنهمر من عيني كان حضنها دافئ كحضن أمي الذي افتقدته لكنها عوضتني عنه - شكرا أمي هذا كله بفضلك
^ ماذا قلت ؟ - ماما
عانقتني وهي تكرر «فخورة بك يا ابنتي»
معاملتها لي كانت كافية لجعلها أروع زوجة أب في الدنيا، أتمنى أن تكون كل زوجات الأب بصفاتها، أتمنى لكل زوجة أب أن تكون أما لأطفال جعل منهم القدر يتامى.